مكرم محمد أحمد
ما رواه العبقرى اللواء باقى زكى يوسف فى الندوة التثقيفية العشرين لحرب اكتوبر المجيدة، فى حضور الرئيس السيسي، حول فكرة استخدام طلمبات المياه فى تجريف السد الترابى الذى اقامته إسرائيل بطول القناة مانعا خطيرا يحول دون عبورها، يرتفع إلى 20مترا بعمق يزيد على 12 مترا، ويضم فوقه وفى باطنه العديد من الاستحكامات والاستعدادات التى تحافظ على مناعته، يستحق ان يكون درسا للمطالعة فى جميع مدارس مصر الاعدادية والثانوية، يعلم تلاميذها طرائق التفكير العلمى الصحيح، وكيف يمكن لفكرة علمية بسيطة ان تنقذ وطنا، وتوفر أرواح آلاف الشهداء، وتحقق مفاجأة تكتيكية تذهل العدو!..، لقد كان قادة إسرائيل يعتقدون ان السد الترابى يستحيل عبوره ويستحيل تدميره فى عملية عسكرية سريعة سوى باستخدام القنبلة النووية، أو القصف الجوى المتواصل لأكثر من 18 ساعة تقوم به عدة اسراب من الطائرات من أجل أن تفتح ثغرة واحدة داخل الساتر.
استقى اللواء باقى زكى يوسف فكرته العبقرية من عمله مهندسا فى بناء السد العالى فى مقتبل حياته العملية، حيث كان يتم تجريف اطنان الرمال إلى داخل جسم السد باستخدام طلمبات المياه، وفى اول تجربة للفكرة التى ادهشت القيادة العسكرية جرت فى صحراء مدينة حلوان على نموذج مصغر مماثل للسد الترابي، تم فتح ثغرة واسعة بالحجم المطلوب الذى يسمح بعبور الدبابات والقوات خلال 4ساعات، باستخدام معدات قديمة كانت تعمل فى بناء السد العالي، تم اختصارها بعد أكثر من 300 تجربة عملية كان يتابعها الرئيس عبدالناصر بصورة مستمرة إلى ثلاث ساعات باستيراد طلمبات ماصة كابسة من المانيا وانجلترا.
وصباح السادس من أكتوبر نجحت طلبمات المياه المركبة على زوارق خفيفة فى قناة السويس فى فتح 83 ثغرة بطول القناة من بورسعيد إلى السويس، عبرت من خلالها الدبابات والقوات قبل مغيب شمس 6اكتوبر إلى شاطى سيناء لتقيم جسور رؤوس قوية عبرت عليها باقى القوات، بينما العدو فى حالة عجز وذهول كامل (مثل الفرخة المذبوحة) لا يعرف كيف يواجه الفكرة العبقرية التى مكنت المصريين من اجتياح المانع الترابى ولان واحدا من أهم أسباب نجاح حرب أكتوبر هو التخطيط العلمى الصحيح الذى لم يترك شاردة دون دراسة، ولم يدع احتمالا دون حساب آثاره ونتائجه تنطوى حرب أكتوبر المجيدة على تجارب عديدة مماثلة، يحسن حصرها وتبسيطها وتسجيلها فى كتاب مدرسى يعلم تلاميذنا كيف تكون النظرة العلمية الصحيحة.