مكرم محمد أحمد
أعتقد أنه لابديل عن الحوار المباشر والصريح بين القاهرة والرياض رأسا ودون وسطاء، كما تبقى علاقات البلدين محصنة ضد كل محاولات الوقيعة التى ينشط من أجلها كثيرون يهمهم تفكيك ما تبقى من علاقات التضامن العربى إمعانا فى إضعاف الموقف العربى وتبديد فرص قوته!.. وأظن أن الحفاظ على هذه العلاقات راسخة قوية تقدر على استيعاب أية خلافات تكتيكية محدودة تمليها ظروف عملية، يتطلب اعتماد نهج مختلف يقوم على الوضوح والمكاشفة وإجلاء المواقف أولا بأول عبر دبلوماسية نشيطة لاتترك ثغرة ينفذ منها الآخرون! بحيث تصبح رسائل كل شقيق إلى شقيقه شفافة ومباشرة، تخلو من الألغاز ولا تحتمل تأويلات غير صحيحة، تصحح دون أن تجرح وتحفظ الود رغم الخلاف، وتقدم حسن النيات على سوء الظن، لأن علاقات مصر والسعودية أكبر كثيرا من أن تبقى رهينة لرسائل ملغزة تصدر عن وسطاء، إعلاميين وغير اعلاميين كثيرا ما يحبون أن يكونوا ملكيين أكثر من الملك!.. وأظن أن هذا النهج المتعلق بالشكل يفرض تدقيق الكلمات وحسن استخدام الاستعارة، وتجنب اللمز والغمز، والحرص على الحقائق متى ثبت صدقها، دون أن يصادر على حرية الرأى أو حق الاختلاف الذى ربما يكون مطلوبا، لأن تطابق المواقف بنسبة مائة فى المائة بين أشقاء مهنة الرأى وبين الدول الأشقاء يكاد يكون متعذرا، ولأن الوفاق على خطوط أسس استراتيجية لايعنى تماثل الأداء والأدوات، على العكس ربما يكون تنوع أساليب المعالجة أمرا مهما فى ظل الاتفاق على وحدة الهدف. اننى أتحدث هنا عن رسالة سعودية أخيرة، تضمنها مقال لكاتب سعودى عبدالله ناصر العتيبى نشرته صحيفة الحياة ينتقد مصر لأنها لم تشارك فى حرب اليمن بقوات برية وجوية ولأنها تجنح إلى مساندة حكم بشار الأسد، وبرغم مشروعية الأسئلة التى طرحها الزميل السعودى إلا أن سياق المقال كان بالغ السوء أثار مشاعر المصريين، فضلا عن استناده إلى وقائع غير صحيحة! كما أتحدث أيضا عن رسائل مماثلة لكتاب مصريين، لم تحسن استخدام لغة الحوار رغم مشروعية الأسئلة التى طرحتها هذه الرسائل. وأظن أن مثل هذه الرسائل لا تخدم العلاقات المصرية السعودية ولا تساعد البلدين على تجاوز أى خلاف طاريء ومحدود يمكن أن يحدث، خاصة أن معظمها ينهض على حقائق غير صحيحة، وما من مسوغ لاستمرار هذا النهج إلا أن يكون هناك قصور فى التواصل المباشر بين الرياض والقاهرة يجلى مواقفهما أولا بأول ويعزز فرص الفهم والتفهم المتبادل ويغلق كل القنوات التى يمكن أن ينفذ منها من يريدون تخريب هذه العلاقات.