بقلم : مكرم محمد أحمد
لا يزال رئيس زيمبابوى المعتقل روبرت موجابى «93» عاماً أكبر رؤساء العالم سناء يرفض الاستقالة أو التنازل عن الحكم، ويعتبر الانقلاب العسكرى عملاً غير مشروع ، ويجاهر فى مفاوضاته مع قائد الانقلاب بان الانقلاب عمل غير دستورى، يسانده فى هذا الرأى عددً من دول جنوب إفريقيا باستثناء رئيس بتسوانا أيان كانا الذى يرى ضرورة خروج موجابى من الحكم ، لاننا لا نحكم نظماً ملكية وانما نحكم جمهوريات رئاسية لا يجب أن يكون فيها الحكم أبدياً وقد حكم موجابى زيمبابوى لاكثر من «37» عاما .
ورغم أن الغالبية فى زيمبابوى تريد إزاحة موجابى بمن فى ذلك ممثلو الاقاليم العشرة للحزب الحاكم بما يؤكد خروج غالبية الحزب عن سلطة الرئيس المعتقل بسبب الفساد الواسع الذى يجتاح البلاد إضافة الى أن أحزاب المعارضة تضامنت مع ضرورة خروجه وخطط الجميع لمظاهرة عارمة خرجت أمس فى هرارى تطالب موجابى بالاستقالة أو التنازل عن الحكم.
والواضح من إصرار قادة الانقلاب على أن ما حدث ليس انقلاباً عسكرياً، وأن الجيش يضمن أمن وسلامة موجابى وأسرته، وأن هدفه الأول هم مجموعة المجرمين الذين يحيطون بموجابى وإعادة البلاد إلى مسارها الديمقراطى فى أسرع وقت، يلقى تأييداً واسعاً فى زيمبابوى باستثناء مجموعة من شباب الحزب الحاكم ونسائه، نجحت زوجة موجابى فى إقناعهم بأنه ليس من حق الجيش أن يسد الطريق على ترشيح امرأة زيمبابوية لمجرد أنها امرأة مع انها كما تقول سيدة شديدة المراس، اختلفت حياتها كثيراً خلال السنوات الأخيرة بعد أن شاركت فى العمل الحزبى والسياسى، تعمل كثيراً وتتحصل على تأييد واسع من شباب الحزب ونسائه، تقول الصدق وتتكلم بصراحة، ويمكن أن تجوع لتعيش حياة الفقراء، ولم تعد تجرى وراء الموضة والأزياء أو تهتم بمشترياتها من الخارج، وتحب الآن أن يناديها الناس «الرفيقة جريس» بدلاً من أسم «الدلع القديم» كوكى جريس، وتظهر على الناس فى مناسبات عديدة بالزى العسكرى .
والواضح أيضاً أن الحياة تمضى هادئة فى العاصمة هرارى، باستثناء المدرعات والمصفحات التى تتمركز حول بيت الرئيس موجابى وبعض المواقع المهمة، ولم يقع حتى الآن اى حادث عنف، كما تساند معظم الكنائس هذا التغيير السلمى على أمل أن تفتح الأزمة الطريق إلى دولة جديدة، وإن انتشرت بعض الشائعات التى تتحدث عن القبض على عدد من الوزراء بينهم وزير المالية، فضلاً عن بعض المطالبات الشعبية بمحاكمة موجابى على فساده .
وتكاد تكون فرص اندلاع العنف محدودة للغاية لأن الغالبية تريد إزاحة حكم موجابى الذى استولى على الحكم عام 1980 بعد أن قاد حرب عصابات ضد قوات الاحتلال البريطانى، لكن موجابى أساء إدارة البلاد عقوداً طويلة أفقرت زيمبابوى ورفعت نسب البطالة والجوع، وكان ينهج بعد الاستقلال عكس الرئيس مانديلا الذى حفظ حقوق البيض فى إطار حقوق المواطنة المتساوية، ولم ينزع من البيض مزاعمهم كما فعل موجابى، بما هبط بمعدلات الإنتاج الزراعى فى زيمبابوى لقلة خبرة السود بالزراعة، وربما يكون واحداً من أهم أسباب عدم اندلاع العنف أن جنوب إفريقيا الجارة الأقرب تعتقد أن إزاحة موجابى يمكن أن تؤدى إلى المزيد من استقرار المنطقة .
وتقول تقارير أفريقية أن شعبية موجابى بدأت فى الانهيار عام 2008 بعد أن ساد الفقر والبطالة والفساد وظهرت خطط زوجته جريس للسيطرة على الحكم، واتهمه كثيرون بأنه حاول تسميم نائبه كى يخلى الطريق أمامها للحكم، فضلاً عن محاولة زوجته خلال اشتغالها بالعمل السياسى فى الحزب تغيير بنود الدستور كى يكون هناك نائبان للرئيس أحدهما امرأة، يساندها فى هذا المطلب بعض من شباب الحزب وعضواته يصل عددهن إلى 30 ألف سيدة، ثم جاءت اتهامات شباب الحزب لقادة الجيش بأنهم استولوا على أكثر من 15 بليون دولار من حصيلة بيع الماس لتكون مثل القشة التى قصمت ظهر البعير كما يقولون .
ومهما يكن ما سوف يحدث فى زيمبابوى بعد رحيل موجابى فالأمر المؤكد أن زمبابوى تدخل مرحلة جديدة تماماً بعد حكم راهن لأكثر من 40 عاماً على التمييز العنصرى ضد البيض من أجل كسب حماس السود، لكنه مع الأسف أفقر البلاد، وأكد أن خيار الزعيم الافريقى مانديلا الذى لعب على توحيد حق المواطنة بين الجميع والمشاركة بين السود والبيض ولكنه تحت شعار صوت انتخابى واحد للمواطن أسود كان أم أبيض هو الحل الصحيح وليست حلول موجابى التى استخدمت العنف والتمييز ضد البيض.