بقلم - مكرم محمد أحمد
تصاريف أقدار طيبة جنبت مصر مشاعر الإحباط العميق بعد خروجها صفراً من مباريات كأس العالم، خاصة أن الجميع بالغوا فى آمالهم التى تضخمت دون سند من قدرة فعلية تضمن تحقيق هذه الأهداف، لكن الأقدار الطيبة عوضت مصر خيراً بهذا الكشف العملاق الجديد فى قطاع الغاز الذى يحمل اسم نور ويُشكل جزءاً من ترخيص الشروق، ويحتوى طبقاً لتقارير مؤكدة على 2500 مليار متر مكعب من الغاز بما يساوى ثلاثة أضعاف حجم ظهر، ويقع أمام سواحل سيناء الشمالية وحسب مصادر بترولية موثوقة فإن احتياطيات الغاز فى حقل نور تتجاوز 90 تريليون قدم مكعب. وبالرغم من أن شركة إينى الإيطالية صاحبة الترخيص لم تعلن بعد عن هذا الكشف العملاق، فإن التصريحات الأخيرة لمديرها التنفيذي، كلاوديو ديسكا ليزى تؤكد أن إينى قد خصصت 70% من استثماراتها العالمية فى مصر، بما يعنى أن آمالاً كباراً تدفع شركة إينى إلى تركيز استثماراتها على مصر، حيث بلغ حجم استثمار إينى على حقلى ظهر الذى تم اكتشافه قبل 3 أعوام ونور الذى يجرى العمل فيه ما قيمته 4ر8 مليار دولار، إضافة إلى 3 مليارات ونصف المليار يتم إنفاقها فى غضون السنوات القليلة المقبلة بما يؤكد حجم الآمال الكبار التى تتوقعها إينى من حقل نور، وطبقاً لما نشرته صحيفة هاآرتس الإسرائيلية فى ملحقها الاقتصادى فإن أسعار أسهم شركات الغاز الإسرائيلى قد اهتزت الأسبوع الماضى عقب شيوع تقارير شبه مؤكدة عن كشف عملاق للغاز فى مصر فى المنطقة الضحلة من ساحل سيناء الشمالى أطلق عليه لقب نور يصل حجم إنتاجه المتوقع إلى أربعة أضعاف حقل ليفتان الإسرائيلى الذى يحتوى على 600 مليار متر مكعب من الغاز.
ويخشى الإسرائيليون من أن يؤدى الكشف العملاق الجديد فى مصر إلى إلحاق الضرر بخطط تصدير إنتاج حقلى تامار وليفتان الإسرائيليين إلى مصر لتسييله فى معامل الإسالة المصرية فى دمياط وإدكو، وإعادة تصدير الغاز الإسرائيلى مسيلاً إلى السوق العالمية للغاز. وتقول صحيفة ها آرتس أنه عقب شيوع خبر الكشف المصري، هبط سعر أسهم شركة رتسيو الإسرائيلية بنسبة 6.7 %، وتراجعت أسهم شركة ديلك فى بورصة تل أبيب بنسبة 5 فى المائة، كما تراجع مؤشر الغاز الإسرائيلى بنسبة 7ر3% خوفاً من تأثيرات حقل نور المصرى الذى يبلغ حجمه أربعة أضعاف حجم حقل ليفتان الإسرائيلي، وتقول هاآرتس إن التقارير المتعلقة بالكشف المصرى تستند إلى عمليات المسح الجيولوجي، التى تم تنفيذها فى المنطقة، وأن الفترات المتعلقة بالكشف الجديد لم يتم تأكيدها بعد من شركة إيني، وأن ما تم نشره يعتمد على مقابلات أجريت مع شخصيات تعمل فى مرفق الطاقة المصرى عرف عنها دقة المعلومات، وكان مدير شركة إينى الإيطالية قد التقى السبت الماضى وزير البترول المصرى طارق الملا، حيث بحثا الوضع الراهن فى حقل نور الذى قطعت فيه الأعمال التمهيدية شوطاً مهما, كما تم فك شفرة عمليات المسح الجيولوجى ومن المخطط أن تبدأ شركة إينى خلال أغسطس المقبل فى عملية التنقيب الكشفية التى يتم خلالها حفر الآبار التجريبية استنادا إلى البيانات التى تم جمعها لمعرفة طبيعة الطبقات الصخرية.
ولأن حقل ظهر بلغ الآن أوج إنتاجه بما يجعله قادراً على تحقيق الاكتفاء الذاتى من الطاقة مع وجود فائض يصلح للتصدير، فضلاً عن إنتاج حقل نور الجديد الذى يزيد قدرة مصر على تصدير الغاز الفائض إلى السوق الأوروبية بمعدلات تساوى إنتاج الحقل الجديد بكامله، الأمر الذى يعزز مكانة مصر كسوق دولية للطاقة، تملك فائضاً معتبراً للتصدير يشبع حاجة الأوروبيين المتنامية إلى الطاقة فى ظل نقص الإمدادات الغازية بسبب النقص المتزايد فى بترول بحر الشمال، وحرص الأوروبيين على عدم الاعتماد على الغاز الروسى بالكامل، بما يعنى تعزيز مكانة مصر فى السوق الأوروبية، وزيادة اعتماد السوق الأوروبية على الغاز المصرى فى إشباع حاجات أوروبا، وجميع ذلك يُشكل عناصر قوة مضافة تزيد من مكانة مصر فى السوق العالمية للغاز، وتمكنها من زيادة مصادرها للحصول على العملات الصعبة.
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع