بقلم - مكرم محمد أحمد
حدث ما لم يكن فى الحسبان، وقرر الرئيس الأمريكى ترامب فى آخر لحظة وهو على متن الطائرة الرئاسية فى طريقه إلى بوينس أيريس لحضور قمة العشرين، إلغاء اجتماعه مع الرئيس الروسى بوتين، بسبب مضاعفات الأزمة الأوكرانية الروسية، واستمرار روسيا فى احتجاز 24 ملاحاً وعدد من السفن الأوكرانية كانت تحاول عبور مضيق كريش، الذى يربط بين البحر الأسود وبحر أزوف، وتعرضت لإطلاق النار من جانب الروس، ولاتزال رهن اعتقال الروس، وبرغم أن الرئيس ترامب أكد فى تغريداته من فوق الطائرة الرئاسية أنه يتطلع إلى لقاء جديد مع الرئيس بوتين فور حل مشكلة الملاحين والسفن الأوكرانية، لكن يبدو أن الأزمة الأوكرانية تزداد عمقاً، حيث يؤكد الأوكرانيون أن الروس يستعدون لغزو أوكرانيا، وأن الصراع يزداد سوءاً خاصة شرق أوكرانيا بين الانفصاليين الذين تدعمهم روسيا والجيش الأوكرانى. والواضح أن قرار الرئيس ترامب إلغاء اجتماعه مع الرئيس بوتين فاجأ الوفد الروسى، الذى أعلن متحدثه الرسمى، أن إلغاء القمة الروسية الأمريكية سوف يوفر للرئيس بوتين ساعتين إضافيتين ينشغل خلالهما بقضايا أكثر فائدة!، وأن أجندة اجتماع القطبين كانت تضُم قضايا الأمن الإستراتيجى، والعلاقات الثنائية الروسية الأمريكية وخفض التسلح والصراعات الإقليمية.
وأضفى إلغاء اجتماع الرئيسين ترامب وبوتين المزيد من ظلال التشاؤم على قمة العشرين الذى يدخل ضمن جدول أعمالها الحرب التجارية المستمرة بين الصين والولايات المتحدة بسبب رفع الرسوم الجمركية فى أمريكا على أغلب السلع التى تستوردها أمريكا من الصين، وردود أفعال الصين التى تخلص فى إجراءات مُشددة لتقليل استيراد السلع الأمريكية، فضلاً عن إصرار الصين على عدم الاعتراف بحقوق الملكية الفكرية لكل وارداتها من التكنولوجيا الأمريكية، ورغم أن قمة العشرين فى بوينس أيريس تُنظم اجتماعاً على هامش القمة بين الرئيس الأمريكى ترامب والرئيس الصينى إلا أن الآمال جد محدودة فى أن تتمكن القمة الصينية الأمريكية من تحقيق انفراجة فى الحرب التجارية التى بلغت أوجهها بين البلدين، ويسود الاعتقاد بأن المفاوضات بين الطرفين فى بوينس أيريس لن تُحقق تقدماً، وأن الصين والولايات المتحدة سوف يذهبان إلى التحكيم القضائى. ورغم أن جدول أعمال القمة التى بدأت الجمعة وتستمر حتى يوم السبت يضم مناقشة قضايا الإرهاب والأزمة السورية، والاتفاق النووى الإيرانى وتطورات الأزمة الأوكرانية، إلا أن أغلب الأضواء مُسلطة على مشاركة ولى العهد السعودى محمد بن سلمان فى أعمال القمة، حيث كانت معظم التقديرات تقول: أن ولى العهد السعودى سوف يتحاشى الذهاب إلى قمة العشرين بسبب قضية مقتل الصحفى السعودى جمال خاشقجى، إلا أن ولى عهد السعودية ذهب إلى قمة بوينس أيريس بعد رحلة عربية زار فيها الإمارات والبحرين ومصر وتونس، تأكيداً على نفى علاقته بجريمة مقتل خاشقجى، وأن القضاء السعودى قدم بالفعل لائحة الاتهام فى القضية التى شملت 11 متهما بينهم خمسة متهمين مطلوب إعدامهم، وفضلاً عن ذلك ثمة قرار من قمة العشرين بالموافقة على طلب السعودية بأن تنعقد القمة المقبلة فى الرياض، بما يعنى ضرورة حضور ولى عهد السعودية قمة بوينس أيريس حيث يستقبله كل من الرئيسين الأمريكى ترامب والروسى بوتين، بعد أن أعلن كل منهما منفرداً عدم وجود دليل يؤكد أن لولى العهد السعودى علاقة بمقتل خاشقجى، وأعلن بوتين أنه سوف يناقش مع محمد بن سلمان تطوير العلاقات الثنائية بين روسيا والسعودية وتسوية الأزمة السورية والوضع فى الشرق الأوسط.
وربما تكون الأولوية فى قمة بوينس أيريس لمناقشة قضية إنهاء الحرب اليمينة فى حضور ولى العهد السعودى التى يتوافق الجميع على ضرورة إنهائها، لكن الحوثيين لا يزالون يرفضون كل محاولات التسوية ويراوغون كسباً للوقت رغم الانفراجة الجديدة التى حدثت بعد تقدم قوات الجيش اليمنى وتطويقها مدينة الحديدة، ودخولها عدداً من أحياء المدينة المهمة للحوثيين لكونها تمول ميزانيتهم من الرسوم ونهب البضائع من السفن، فضلاً عن أنها آخر مصادر إمداد الحوثيين بالصواريخ والأسلحة القادمة رأساً من إيران، ولو أن قوات الجيش اليمنى نجحت فى السيطرة على الحديدة وتمكنت من غلق الميناء فى وجه إمدادات الحوثيين لكانت تلك هى الضربة القاصمة التى تجبر الحوثيين على الجلوس لمائدة التفاوض.
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع