بقلم : مكرم محمد أحمد
تمكنت قوات الغزو التركى فى إطار عملية غصن الزيتون, يساندها المتمردون السوريون من جماعة الإخوان المسلمين من حصار مدينة عفرين شمال سوريا بعد شهرين من غزوها، ورفعت القوات التركية أعلامها على مبنى البلدية فى المدينة وسط احتفال صاخب بإطلاق الرصاص، وبينما يحاول المدنيون فى عفرين الذين يربون على 200 ألف نسمة, ويضمون الأكراد والعلويين واليزيديين الهرب إلى الجبال والقرى المحيطة من قوات الغزو، تمنع الميليشيات الكردية الأكراد من مغادرة المدينة وتحثهم على البقاء والاحتماء بالأدوار الأرضية من القصف الجوى التركى والبقاء فى المدينة ذات الأغلبية الكردية وعدم تركها للاتراك، ويبرر الأتراك هجومهم على عفرين الذى بدأ فى يناير الماضى بأنه دفاع عن أمنهم الوطنى بدعوى أن الميليشيات الكردية التى تنتمى إلى قوات سوريا الديمقراطية هم من أنصار حزب العمال الكردستانى الذي يناصب تركيا العداء لأكثر من أربعة عقود من المواجهات المسلحة املا في الحصول علي نوع من الحكم الذاتي.
وبينما تُسقط الطائرات التركية المنشورات على سكان المدينة تحثهم على وقف القتال والاستسلام، يأسف عرب عفرين لخروج الأكراد من المدينة لأن الأكراد موجودون فى المكان منذ الأزل، ولأن غالبيتهم لا ينتمون إلى ميليشيات حزب العمال الكردستانى، خصوصاً قوات سوريا الديمقراطية الذين حاربوا داعش بشجاعة, وتمكنوا من طردها من معظم الأراضى السورية ابتداء من مدينة كوبانى فى أقصى شمال سوريا إلى الرقة عاصمة داعش التى حررها الأكراد اخيرا إلى مناطق دير الزور الغنية بالنفط، والواضح أن الرئيس التركى أردوغان دخل عفرين ليبقى، وبرغم أنه وعد بتسليمها إلى أصحابها الأصليين الذين لم يعرفهم، إلا أن الأتراك يعتزمون البقاء فى المدينة ويعتبرونها حجر الزاوية لضمان تأثيرهم على مستقبل المنطقة.
ولا يعرف بعد ما إذا كانت القوات التركية سوف تتقدم شرق عفرين إلى مدينة منبج، حيث توجد القوات الأمريكية (ألفا جندى) تعيش إلى جوار الميليشيات الكردية الحليفة للولايات المتحدة التى تشكل جزءاً من قوات سوريا الديمقراطية التى حاربت داعش حتى النهاية، وثمة مطلب تركى يطلب اردوغان من الامريكيين تنفيذه و يعتبره شرطا لتحسين العلاقات التركية الامريكية, بأن تعبر قوات سوريا الديمقراطية نهر الفرات إلى الشاطىء الآخر تجنباً لأى صدام محتمل مع القوات التركية الغازية. والواضح أن الأمريكيين مشغولون الآن بالتفاوض مع الأتراك بحثاً عن حل وسط ينهي الازمة المتصاعدة بينهما، كما طلبوا ان يستعيد الأمريكيون الأسلحة التى سلموها للأكراد فى حربهم على داعش، اضافة الي فض التحالف بين الأمريكيين والميليشيات الكردية بدعوى أنها جماعة إرهابية، كذلك طلبوا سحب القوات الأمريكية من منطقة منبج كى لا تلقى من القوات التركية (صفعة عثمانية) إن عبرت القوات التركية المنطقة في مطاردتها للميليشيات الكردية، ولا يعرف بعد مصير المفاوضات التركية الأمريكية التى بدأها وزير الخارجية السابق، ركس تيلرسون، وما إذا كان الرئيس الأمريكى ترامب سوف يوافق على هذه المطالب، ويخون تحالفه مع الأكراد السوريين الذين أسهموا بنصيب وافر في طرد داعش من سوريا، ويحظون بدعم الولايات المتحدة منذ بدأوا حربهم علي داعش باتفاق وتشجيع المخابرات المركزية الامريكية. والواضح أن العلاقات الأمريكية التركية كانت قد وصلت إلى درجة الحضيض قبل شهرين إن لم تكن شارفت على الانهيار، وكان أردوغان يهدد بتوجيه «صفعة عثمانية» إلى القوات الأمريكية فى سوريا إن لم تفض تحالفها مع الميليشيات الكردية, وبدأ وزير الخارجية السابق تيلرسون محادثاته مع الاتراك املا في حل وسط بتأكيد ان الاولوية ينبغى أن تكون فى إصلاح حلف الناتو وترميم العلاقات الأمريكية التركية, لكن يبدو ان الامور قد اختلفت نوعا ما بإقالة تيلرسون وتولي مدير المخابرات الامريكية السابق شئون الخارجية الأمريكية
نقلاً عن الآهرام القاهرية