توقيت القاهرة المحلي 15:56:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

النحس يطارد هيلارى كلينتون!

  مصر اليوم -

النحس يطارد هيلارى كلينتون

مكرم محمد أحمد

يوم الجمعة الماضى لم يكن باقياً على موعد انتخابات الرئاسة الأمريكية سوى 11 يوماً، وكانت كل المؤشرات تؤكد أن المعركة الانتخابية بين المرشحة الديمقراطية هيلارى كلينتون والمرشح الجمهورى دونالد ترامب على وشك أن تُحسم إن لم تكن قد حُسمت بالفعل، وأن هيلارى تتفوق فى كل استطلاعات الرأى العام على منافسها الجمهورى فى معظم الولايات الأمريكية إن لم يكن جميعها بنسب تصل فى المتوسط إلى حدود 7%، يصعب بل يستحيل على ترامب اللحاق بها فى الفترة الزمنية المتبقية، خاصة أن حملة ترامب عالقة فى أزمة صعبة بسبب الفضائح النسائية التى حاصرت ترامب وبذاءاته ضد المرأة وانفلات سلوكه ولسانه، الذى أكد لغالبية الأمريكيين أنه لا يصلح لأن يتولى مسئولية أخطر منصب فى العالم ويصبح رئيساً للولايات المتحدة، ويبدو أيضاً أن المرشح الجمهورى ترامب كان قد استسلم لعناده وهو على أبواب خسارة المعركة الانتخابية، ولم يعد أمامه سوى أن يهدد بالامتناع عن الاعتراف بفوز منافسته هيلارى، لأنه على يقين بأن الديمقراطيين يدبرون اختطاف نتائج المعركة والعبث بعمليات تسجيل الناخبين!

فجأة، حدث ما لم يكن فى حسبان المرشحة هيلارى أو أى من أنصارها داخل الحزب الديمقراطى لتجد نفسها فى مهب ريح عاصفة يمكن أن تبدد كل آمالها الواثقة فى النجاح، وأن حلم الوصول إلى المكتب البيضاوى فى البيت الأبيض الذى يكاد يكون فى متناولها يتسرب دخاناً فى الهواء، لأن رئيس الأمن الفيدرالى جيمس كومى بعث برسالة مفاجئة للكونجرس الأمريكى يوم الجمعة الماضى يعلن فيها عزمه على إعادة فتح التحقيق فى قضية تسريب البريد الإلكترونى لهيلارى كلينتون عندما كانت وزيرة للخارجية الأمريكية، والتى كان قد تم إغلاق تحقيقاتها فى يوليو الماضى دون توجيه أى اتهام جنائى للمرشحة الديمقراطية، اكتفاء بنوع من اللوم أو العتاب، لأنها لم تكترث كثيراً ببريدها الإلكترونى، وخلطت بين ما يخصها بصفة شخصية وما يتعلق بوضعها كمسئول أمريكى كبير يدخل ضمن واجباته الحفاظ على أمن بريده الإلكترونى!

ما الذى جعل مدير الأمن الفيدرالى جيمس كومى يبعث بهذه الرسالة المفاجئة إلى مجلسى الكونجرس فى خضم معركة انتخابات الرئاسة، وقد لاحت فى الأفق تباشير فوز المرشحة الديمقراطية هيلارى؟ مع علمه المسبق بأن الرسالة التى أعلنها الكونجرس على الفور يمكن أن يرى فيها الديمقراطيون تدخلاً مباشراً فى العملية الانتخابية من جانب الأمن الفيدرالى المفترض فيه الحيدة الكاملة، خاصة أنه لم يعد باقياً على موعد الذهاب إلى الصناديق سوى 11يوماً، وهل اكتشف الأمن الفيدرالى حقائق جديدة فى قضية تسريب البريد الإلكترونى لهيلارى تبرر لمدير الأمن الفيدرالى أن يقحم نفسه على هذا النحو المباشر فى العملية الانتخابية فى سابقة لم تحدث فى تاريخ انتخابات الرئاسة الأمريكية؟!

هنا تختلف الروايات وتتضارب التفسيرات إلى حد اتهام الديمقراطيين لمدير الأمن الفيدرالى بالخروج على القانون، والتواطؤ مع الحزب الجمهورى، واستخدام معايير مزودجة فى التعامل مع الحزبين الديمقراطى والجمهورى، بل والعمل لحساب الحزب الجمهورى، كما يرى بعض أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين بدعوى أن جيمس كونى أمضى غالبية عمره عضواً فى الحزب الجمهورى، وأنه طلب قبل فترة زمنية قليلة إسقاط قيده الرسمى فى سجلات الحزب لكن الجميع يعرف حماسه لأفكار الجمهوريين ومبادئهم، بينما يؤكد جيمس كونى أن ما دفعه إلى إعادة فتح التحقيق مرة أخرى فى القضية التى أُغلقت فى يوليو الماضى، أن الأمن الفيدرالى عثر خلال تحقيقاته فى قضية أخرى على أكثر من ألف برقية جديدة تسربت من بريد هيلارى كلينتون تم اكتشافها على الحاسب الإلكترونى لأنتونى واينر عضو النواب عن دائرة نيويورك والزوج السابق لهوما عابدين أهم معاونى كلينتون عندما كانت وزيرة للخارجية، ولا تزال هوما الشخصية الأولى فى فريق حملة كلينتون الانتخابية، الذى يجرى التحقيق معه فى قضية تتعلق بتحرشه الجنسى المستمر مع فتاة صغيرة السن.

لكن نقطة الضعف فى رسالة جيمس كونى إلى الكونجرس أنه يعترف فى الرسالة بأنه بعث الرسالة إلى الكونجرس دون أن يعرف بعد إن كانت البرقيات المتسربة تحوى شيئاً مهماً يدين هيلارى، أم أن الأمر يمكن أن يماثل 650 ألف رسالة إلكترونية وجدت فى بريدها الإلكترونى تم فحصها، ولم ير فيها الأمن الفيدرالى ما يشير إلى تسرب عالمى أو مخالفة جنائية تدين وزيرة الخارجية السابقة وتلزمها الخضوع لتحقيق جنائى!

وبينما طالبت المرشحة الديمقراطية هيلارى الأمن الفيدرالى بسرعة إعلان مضمون هذه البرقيات بعد أن أقحم الأمن الفيدرالى نفسه دون أى مسوغ موضوعى فى الحملة الانتخابية وقد أوشكت أن تدخل مرحلتها الأخيرة، يطالب أعضاء الكونجرس الديمقراطيون، وفى مقدمتهم عدد غير قليل من أعضاء مجلس الشيوخ مدير الأمن الفيدرالى جيمس كونى بالاستقالة فوراً من منصبه، لأنه خرق القانون وتدخل فى انتخابات الرئاسة الأمريكية على نحو غير مسبوق، إضافة إلى ضرورة الإسراع بكشف محتويات الرسائل الإلكترونية الجديدة التى حصل عليها الأمن من الحاسب الإلكترونى للزوج السابق لمساعدة كلينتون، خاصة أن استطلاعات الرأى العام بعد حادث الجمعة الماضى أكدت أن المرشحة الديمقراطية خسرت بالفعل نسبة غير قليلة من أصوات ناخبيها، بسبب فقدان ثقتهم فى المرشحة هيلارى التى لم تكن من وجهة نظرهم أمينة بالقدر الكافى على بريدها الإلكترونى، كما أن خسارة هذه الأصوات قللت حجم الفجوة بين هيلارى ومنافسها ترامب، وما زاد من تعقيد الأزمة أن المدعى العام الأمريكى لم يكن يوافق جيمس كونى مدير الأمن الفيدرالى على إرسال خطاب يوم الجمعة إلى الكونجرس الذى فجر الأزمة، وكذلك عدد آخر من أعضاء الحكومة الفيدرالية انتقدوا تصرف جيمس كونى مدير الأمن الفيدرالى، خاصة أنه أكد فى خطابه إلى الكونجرس أنه لا يعرف بعد شيئاً عن مضمون البرقيات المتسربة بما يؤكد تدخله المباشر فى العملية الانتخابية دون أى مسوغ حقيقى.

وعلى الناحية الأخرى أحيت عملية إعادة فتح التحقيق فى قضية بريد هيلارى الإلكترونى آمال المرشح الجمهورى ترامب فى إمكانية أن يعود للإمساك بزمام المبادرة مرة أخرى، مشيداً بموقف مدير الأمن الفيدرالى الذى أكد حيدة الدولة الأمريكية ونزاهتها وعزمها على مقاومة الفساد، مطالباً بإيداع المرشحة الديمقراطية السجن رهن التحقيق، لأن تسريب البريد الإلكترونى لوزيرة الخارجية الأمريكية وخلطها الخاص بالعام، وثبوت وجود تداخل بين علاقاتها مع كبار الماليين ورجال الأعمال الذين كانوا يقدمون تبرعاتهم لصندوقها الخيرى أملاً فى الحصول على خدمات وزيرة الخارجية، يوجب توجيه الاتهام الجنائى لهيلارى، لأن الفضيحة أكبر من فضيحة ووترجيت، ولأن فساد هيلارى لا مثيل له، ومن الضرورى إيداعها السجن رهن التحقيق وإعلان فوزه بالتزكية رئيساً للولايات المتحدة، ويبقى السؤال المهم، أين المخرج الصحيح من هذه الأزمة التى ضربت آمال هيلارى كلينتون فى الفوز بمنصب رئيس الجمهورية فى وقت بالغ الدقة والحرج، وأدت إلى اضطراب شديد فى عملية انتخابات الرئاسة الأمريكية التى لم يبق على موعد انتخاباتها سوى أيام معدودات؟ وكشفت حجم التناقض الضخم بين مؤسسات الدولة الأمريكية، وأخيراً هل يمكن أن تطيح إعادة فتح التحقيق فى قضية التسريب الإلكترونى بفرص نجاح هيلارى؟

الديمقراطيون يجمعون على أن المخرج الوحيد الصحيح لهذه الأزمة هو استقالة مدير الأمن الفيدرالى جيمس كونى، والجمهوريون يؤكدون، على الناحية الأخرى، ضرورة استمرار التحقيق فى تسريبات البريد الإلكترونى الجديدة، خاصة أن هوما عابدين مساعدة كلينتون التى ضبطت الرسائل الإلكترونية الجديدة على حاسب زوجها هى أخطر معاونيها وهى بالضرورة طرف فى القضية، والأمر المؤكد أن إعادة فتح التحقيق قد أثر بالفعل على موقف هيلارى الانتخابى، وقلل من حجم الفجوة بين المرشحين الجمهورى والديمقراطى إلى حدود 2%، وفى بعض الولايات انخفض حجم الفجوة إلى 1% فقط، لكن معظم استطلاعات الرأى العام بعد تطورات يوم الجمعة الماضى لا تزال تؤكد أن هيلارى يمكن أن تفوز فى انتخابات الرئاسة الأمريكية إذا لم تكشف البرقيات المتسربة عن حقائق خطيرة تدين هيلارى، كما أن هناك شكوكاً قوية فى أن تزداد خسائر هيلارى إذا لم يسارع الأمن الفيدرالى بإجلاء الموقف، خاصة أنه قبل أسبوعين فقط من موعد انتخابات الرئاسة كان الفارق بين كلينتون وترامب يتجاوز 11% لصالح هيلارى، وظل الفارق يتقلص إلى أن وصل فى بعض الولايات إلى حدود 1%، وبينما يتوقع الآن 7% من مؤيدى هيلارى احتمال حدوث تغيير حقيقى فى موقفها الانتخابى يرى 63% من مؤيديها أنه ربما لا يحدث تغيير كبير على موقف هيلارى الانتخابى، وفى معسكر الجمهوريين يتوقع 25% من أنصار المرشح الجمهورى ترامب أن يتغير الموقف لصالحه، لكن هذه الأرقام مجرد تكهنات يمكن أن تصدق أو تكذب، لكن الأثر الحقيقى لما حدث يوم الجمعة الماضى سوف يبقى غير معلوم على وجه الدقة إلى أن تنتهى الانتخابات وتعلن النتائج للجميع.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النحس يطارد هيلارى كلينتون النحس يطارد هيلارى كلينتون



GMT 06:19 2020 الأربعاء ,16 كانون الأول / ديسمبر

قُم يا شيخنا..

GMT 00:13 2019 السبت ,25 أيار / مايو

ذروة الحرب التجارية بين الصين وأمريكا

GMT 00:33 2019 الخميس ,23 أيار / مايو

أردوغان محشوراً فى الزاوية

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:49 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب

GMT 19:21 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

برشلونة يحتفل بذكرى تتويج ميسي بالكرة الذهبية عام 2010

GMT 11:32 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

دبي تهدي كريستيانو رونالدو رقم سيارة مميز

GMT 04:41 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الروسية تسمح بتغيير نظام اختبار لقاح "Sputnik V"

GMT 21:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

أول تعليق من نيمار بعد قرعة دوري أبطال أوروبا

GMT 06:29 2020 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

حمادة هلال يهنئ مصطفي قمر علي افتتاح مطعمه الجديد

GMT 07:23 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الجمعة 16 تشرين أول /أكتوبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon