توقيت القاهرة المحلي 15:56:07 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خيارات السيسى وخيارات الثورة المضادة!

  مصر اليوم -

خيارات السيسى وخيارات الثورة المضادة

مكرم محمد أحمد

يتعاظم قلق المصريين على مستقبل الدولة المصرية فى ظل تزايد التهديدات الأمنية والاقتصادية التى تستهدف إفشال مشروعهم لتحقيق الأمن والاستقرار لمصر وضمان حرية استقلال قرارها وإرادتها الوطنية، التى تجسدت فى عملية الهجوم الأخير على كمين للقوات المسلحة جنوب العريش، خارج منطقة العريش - رفح، التى انحصرت فيها معظم عمليات المواجهة مع «أنصار بيت المقدس» بهدف توسيع رقعة المواجهة على أرض سيناء، واستئناف تصدير السيارات المفخخة إلى داخل الوادى وصولاً للعاصمة، كما وضح فى عملية التجمع الخامس الأسبوع قبل الماضى التى استهدفت أحد كبار معاونى النائب العام، ويترافق مع ذلك دعوات جماعة الإخوان المسلمين الأخيرة للخروج إلى شوارع وميادين المدن المصرية يوم 11/11 فى تظاهرات ضخمة، تشير كل الدلائل إلى أنها سوف تكون مسلحة، خاصة فى أعقاب التهديدات التى أطلقتها الجماعة بالانتقام لمقتل المسئول الأول عن جهازها العسكرى السرى، الذى لقى مصرعه فى مواجهة مع قوات الأمن فى منطقة البساتين، فضلاً عن ضبط عدد من عمليات التآمر الأخرى، استهدفت اغتيال عدد من الشخصيات المصرية المهمة تشكل الدائرة الأقرب إلى الرئيس عبدالفتاح السيسى، ورصد عمليات حشد واسعة لمواقع التواصل الاجتماعى معظمها يعمل خارج مصر، تم استدعاؤها لمساندة خطط جماعة الإخوان المسلمين فى الحشد والتظاهر يوم 11/11، وإعطاء عملية الحشد غطاء شعبياً يوحى بأن الغضب لم يعد وقفاً على أنصار جماعة الإخوان وطابورهم الخامس!

ويبدو من أبعاد هذا المخطط الشرير الذى استهدف خلال الشهور الأخيرة نشر روح الإحباط واليأس فى صفوف المصريين وإشعارهم بأنهم يواجهون وحدهم معركة مستحيلة، يتعذر فيها تحقيق الصمود أمام ضغوط محلية وإقليمية ودولية تحاصر الموقف المصرى بهدف إلزامه قبول قائمة من الشروط المستحيلة:

أولها وآخرها فى الوقت نفسه، أن يمتنع الرئيس السيسى تحت ضغوط شعبية عن إكمال مدته الدستورية والترشح لفترة رئاسة جديدة، وأن يجد الرئيس السيسى نفسه فى وضع بالغ الحرج أمام ضغوط جماهيرية تلزمه رفض ترشيح نفسه، وإخلاء الساحة لنخبة مختارة من المتآمرين الجدد والقدامى.

وما من بديل لهذا الحل من وجهة نظر هؤلاء المتآمرين سوى الإذعان لكل الشروط التى رفضها الرئيس السيسى ورفضها المصريون، والتى تتلخص فى إهدار استقلال القرار الوطنى، والرضوخ لما كان مخططاً لمصر قبل ثورة يونيو، ابتداء من تصفية القضية الفلسطينية والاعتراف بوجود إمارة إسلامية تحت سلطة جماعة الإخوان المسلمين فى قطاع غزة تمتد حدودها داخل سيناء إلى خط العريش - رأس محمد، للتخفيف من مشكلة الكثافة السكانية لقطاع غزة، والإقرار بصحة الانفصال الجغرافى بين قطاع غزة والضفة الغربية، وإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط بما ينسف ما تبقى من علاقات عربية عربية وينهى دور الجامعة العربية، والقبول بقيادة الرئيس التركى رجب طيب أردوغان قائداً لمسيرة الاعتدال الإسلامى.

وبالطبع فإن المشروع يتضمن وعوداً سخية بأن تمر مصر من عنق الزجاجة الراهن، وتتوقف كل المؤامرات التى تحاك ضدها، ويتم تصفية أنصار بيت المقدس فى سيناء بعد أن قاموا بواجبهم على النحو الأكمل، وإنهاء كل الأزمات البترولية والمالية التى تواجه مصر، لكنه عشم إبليس فى الجنة لأن جوهر مشروع الشرق الأوسط كما يخطط له الغرب، أن تستمر خطط تأكل أهميته، بحيث تنتفى كل قيمة استراتيجية للإقليم، وينتهى وضعه كمخزن استراتيجى ضخم للطاقة بعد أن نشط الغرب على امتداد العقود الأربعة الماضية فى إيجاد بدائل للبترول العربى تضمن خفض سعر البرميل إلى ما دون 30 دولاراً للبرميل إن لم يكن أقل، مع الإبقاء على الشرق الأوسط ساحة للصراعات الداخلية ينشغل بحروبه العديدة التى تضعف دوله الوطنية.

وبرغم أن الغرب يعرف جيداً أن الرئيس السيسى لا يضمر شراً لأى من دوله، ولا يعادى جوهر رؤيته الاقتصادية فى حرية التجارة الدولية والاعتماد الدولى المتبادل وتشجيع المشروع الخاص والقبول بعولمة الاستثمارات وضرورة تهيئة المناخات المحلية لطمأنتها واستقبالها، إلا أن الغرب يعرف أيضاً أن مشروع السيسى لاستقلال القرار المصرى وتحرير الإرادة الوطنية يعنى بناء علاقات دولية جديدة على أسس متكافئة من الندية والمصالح المتبادلة، ويعنى تقليص فرص التدخل الخارجى فى الشأن العربى.

وواقع الأمر أن السؤال موجه للمصريين فى الداخل بأكثر من أن يكون موجهاً للأمريكيين والغرب، الذى يؤكد كل يوم إصراره على إحياء مخططه القديم الذى سقط فى يونيو، والمضى قدماً فى تنفيذه إذا لاحت فى الأفق فرص سانحة، متوهماً أن خطط الإصلاح الاقتصادى والمالى والاجتماعى والسياسى التى يتبناها السيسى يمكن أن تهيئ ظروفاً ملائمة لتدبير عمل تخريبى يستهدف تغيير الأوضاع الراهنة فى مصر، وتأليب ثورة مضادة تتخفى تحت شعارات حقن دماء المصريين وتحقيق المصالحة مع جماعة الإخوان المسلمين، اختارت يوم 11/11 للنزول للشارع المصرى، أو إفشال مشروع السيسى الإصلاحى!

وما من شك أن الغرب يعرف جيداً أن مشروع خروج جماعة الإخوان إلى ميادين وشوارع مصر يوم 11/11 سوف يفشل تماماً، كما فشلت مشروعات سابقة عديدة للجماعة قامت على هذا الوهم وتكسرت على صخرة مقاومة المصريين، وأظن أن قيادات جماعة الإخوان المسلمين القدامى والجدد تعرف جيداً انعدام فرص نجاح مخططها، لأن القوات المسلحة، لن تقبل إهانة ضحاياها على هذا النحو، ولأن الشعب المصرى بأكمله يرفض مصالحة جماعة الإخوان.

ومن ثم فإن الرهان الكبير هو محاولة إفشال خطط الإصلاح الاقتصادى والسياسى للرئيس السيسى ومحاولة تشويهها، واستثمار بعض سلبيات المجتمع المصرى فى الترويج لمخاطرها والتخويف من آثار التضخم وارتفاع الأسعار الذى يمكن أن يصحب هذه الإجراءات، بدعوى أن الشعب المصرى وحده هو الذى يدفع ثمن الإصلاح وأن كبار المتنفذين وشرائح الطبقات العليا لا تساهم فى حلول الأزمة بقدر مكاسبها وأرباحها، بل تستفيد بالجزء الأكبر من الدعم الذى يستهدف التخفيف عن الطبقات الأقل قدرة، وأن على الدولة أن تسد ثقوب الفساد وتوقف التسيب والإهمال قبل أن تطالب عموم المصريين بتضحيات جديدة، وهو قول صحيح لا مراء فى ذلك لكن فى ظاهره الرحمة وباطنه العذاب، لأن استمرار بقاء الأوضاع على ما هى عليه يعنى تدهور أحوال المصريين إلى الأسوأ، إضافة إلى أن الرئيس السيسى يدرك جيداً حتمية أن تشارك كل الفئات فى عملية الإصلاح.

وربما يكون مفيداً أن يكون لهؤلاء الماليين، ونسبة كبيرة منهم وطنيون مخلصون، مبادرة واضحة تؤكد صدق الانتماء وحسن النيات، تلزم المتقاعسين منهم دفع حقوق الدولة من الضرائب دون تلكؤ، والمبادرة بسداد متأخرات هذه الضرائب دلالة على حسن النيات، كما تلزم الجميع إعلان تنازلهم عن كل صور الدعم بما فى ذلك دعم الطاقة وبطاقات التموين (80 مليون بطاقة)، وتقليل مظاهر الترف الزائد عن الحد، وأظن أن المبادرة ينبغى أن تنطوى أيضاً على تحذير واضح يؤكد أن اللجنة التى ينهض بمهامها المهندس إبراهيم محلب والمكلفة بإعادة الأرض المنهوبة للدولة وبيعها فى المزاد العلنى لحساب الخزانة العامة، يمكن أن يمتد عملها ليشمل كل أموال الفساد الحرام التى جرى كسبها حيلة وغدراً رغماً عن أحكام القانون، كما تشمل تحديد هوامش ربح مجزية لتجار الجملة والتجزئة، خاصة فى مجالات الخضر والفاكهة بما يحفظ لهذه السلع أسعاراً معقولة، إضافة إلى المراقبة الجادة لهوامش الربح فى مجالات المقاولات والعقارات بما يحفظ لكل الأطراف حقوقهم.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خيارات السيسى وخيارات الثورة المضادة خيارات السيسى وخيارات الثورة المضادة



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 15:49 2024 السبت ,28 كانون الأول / ديسمبر

شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب
  مصر اليوم - شيرين عبد الوهاب تعود لإحياء الحفلات في مصر بعد غياب

GMT 19:21 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

برشلونة يحتفل بذكرى تتويج ميسي بالكرة الذهبية عام 2010

GMT 11:32 2020 الجمعة ,25 كانون الأول / ديسمبر

دبي تهدي كريستيانو رونالدو رقم سيارة مميز

GMT 04:41 2020 الخميس ,24 كانون الأول / ديسمبر

وزارة الصحة الروسية تسمح بتغيير نظام اختبار لقاح "Sputnik V"

GMT 21:52 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

أول تعليق من نيمار بعد قرعة دوري أبطال أوروبا

GMT 06:29 2020 السبت ,17 تشرين الأول / أكتوبر

حمادة هلال يهنئ مصطفي قمر علي افتتاح مطعمه الجديد

GMT 07:23 2020 الجمعة ,16 تشرين الأول / أكتوبر

أسعار الجبس في مصر اليوم الجمعة 16 تشرين أول /أكتوبر 2020
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon