بقلم : مكرم محمد أحمد
لأن منظمات الإرهاب والتطرف بات فى وسعها أن تستخدم شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت) وشركات التواصل الاجتماعى ومواقعه الإلكترونية لتحقيق أهداف عديدة لها، تبدأ من تجنيد الأفراد إلى تنظيم الجرائم الإرهابية، إلى تدريب كوادره على تصنيع واستخدام أدوات القتل والتفجير إلى نشر أفكار العنف والكراهية ورفض الآخر، لم يعد ممكناً الإبقاء على هذه العناصر تعمل ما تريد تحت ذريعة حرية الرأى والتعبير، واعتقاد كثيرين أنها حرية مطلقة لا ينبغى المساس بها لأنها أصل الحريات وركنهاالمكين!، ولأنه لا شيء مطلق فى الوجود سوى الله بات ضروريا فى كل الديمقراطيات الغربية ضبط أداء هذه المؤسسات.
وهذا ما حدث فى ألمانيا أخيراً، حيث أصدر البرلمان الألمانى وبأغلبية عالية قانوناً جديداً يفرض غرامات باهظة على مؤسسات ومراكز ومواقع التواصل الاجتماعى تصل إلى حدود 50 مليون يورو (57 مليون دولار) لو أن مؤسسات مثل فيسبوك وتويتر وجوجل تراخت فى حجب المواقع التى تروج للعنف والكراهية والإرهاب أو تنشر أخباراً مضللة فى غضون 24 ساعة على أكثر تقدير .. ، وباعتراف عتاة الليبراليين الألمان فإن هذا القانون ربما لا يكون كافياً لحماية المجتمع من شرور الإرهاب لكنه باليقين يمثل خطوة مهمة فى الحرب على جرائم الكراهية وتشويه عقائد الآخرين وازدراء الأقليات العرقية والطائفية والدينية بعد أن تضاعفت اعداد هذه الجرائم فى ألمانيا بنسبة 300 فى المائة فى غضون العامين الأخيرين، لأنه دون هذه الإجراءات الضرورية يستحيل تغيير أداء بعض المواقع التى تستخدمها جماعات الإرهاب ويصعب حماية أمن المجتمعات من انتشار خطط وأفكار هذه الجماعات.
وفى مصر عندما أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام قراراً بتطبيق عقوبة مماثلة قدرها مائتا ألف جنيه ارتفعت أصوات البعض تتهم القرار بالعدوان على الرأى الآخر ومحاربة الإبداع والإساءة إلى الدراما المصرية رغم أن القرار لا علاقة له البتة بأى من هذه المفردات ويخص فقط فاحش القول فى تحديد واضح ومحدد، بعد أن استشرت مفردات القبح والبذاءة فى جميع صور البث التليفزيونى ابتداءً من برامج الحوار السياسى إلى برامج التسلية والمسلسلات ، وبالطبع هناك أسباب كثيرة لشيوع هذه البذاءة تتمثل فى شراهة حوافز الربح لدى بعض منتجى القطاع الخاص، وغياب دور الدولة فى الإنتاج الفنى بما أغرق السوق بأعمال جد رخيصة، فضلاً عن الاعتقاد الشائع بأن الجمهور والسوق والعصر يريدون هذا النوع الهابط من الأداء ! وهو اعتقاد ثبت باليقين أنه خاطئ ومضلل، لأن الذين يضجون بالشكوى من هذه الصور البذيئة هم غالبية المصريين، والواضح من التجربة أن فرض هذه الغرامات الباهظة يمنع البذاءة والأداء الهابط من المنبع، لأن ما لا يزع بالقرآن يزع بالسلطان، فضلاً عن أن المقابل الموضوعى لحرية الرأى والتعبير هو الإقرار بمسئولية الكلمة وواجبها فى حماية أمن المجتمع وصون قيمه الأخلاقية وحمايته من الإرهاب.