توقيت القاهرة المحلي 05:37:13 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مسئولية أردوغان ومسئولية ترامب!

  مصر اليوم -

مسئولية أردوغان ومسئولية ترامب

بقلم - مكرم محمد أحمد

لا يبدو أن مناشدة وزير التجارة التركية الرئيس الأمريكى ترامب بالعودة إلى مائدة التفاوض، واستئناف الحوار بدلا من فرض الأمر الواقع ومضاعفة الرسوم الجمركية على واردات الولايات المتحدة من الصُلب والألمونيوم التركى قد ساعدت على تقريب المسافات، وسد فجوة الخلاف الواسع بين الولايات المتحدة وتركيا، الشريكين الأساسيين فى حلف الناتو لأكثر من 60 عاما، والحليفين القديمين اللذين طالما توحدت مواقفهما، والآن يقفان على شفا هوة سحيقة، بعد أن أدت ضربة الرئيس ترامب المفاجئة إلى أن تخسر الليرة التركية 20 فى المائة من قيمتها فى يوم واحد، ويصبح الاقتصاد التركى على حافة الانهيار، لأن الرئيس التركى رجب الطيب أردوغان رفض الإفراج عن القس الأمريكى أندرو برونسون الذى يتهمه الرئيس التركى بالتواطؤ مع الانقلاب العسكرى الذى وقع ضده عام 2016 لحساب خصمه اللدود فتح الله جولين الذى يقيم فى ولاية بنسلفانيا الأمريكية ورفضت واشنطن تسليمه لتركيا.

ويبدو أيضا أن مقالة العتاب المرير التى كتبها الرئيس التركى أردوغان فى صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية ـ يتهم فيها الولايات المتحدة بخيانة تركيا واتخاذ خطوات أحادية الجانب أضرت بمصالح التحالف الإستراتيجى بين تركيا والولايات المتحدة، وأن أمريكا سلحت أكراد سوريا وهم فى الأغلب إرهابيون يعادون المصالح التركية، وأن أنقرة لم يعد أمامها سوى البحث عن حلفاء جدد والعمل على حماية مصالح تركيا القومية ـ زادت الموقف سوءاً بين الحليفين السابقين.

وقد هوت الليرة التركية إلى مستويات قياسية منخفضة بعد أن عاد وفد تركى من محادثات واشنطن بخفى حنين، لكن أزمة الليرة التركية أثرت على عدد من البنوك الأوروبية التى تحوز الليرة التركية، وقد أبدى البنك المركزى الأوروبى قلقه من انكشاف بعض البنوك الفرنسية والإيطالية والإسبانية التى هبطت أسهمها بنسب تتراوح بين 3% و5% بسبب الليرة التركية، بينما يتدافع المستثمرون طلبا للدولار الأمريكى كملاذ آمن فى ظل انهيار العملة التركية بما يصل إلى 23%. ورغم تداخل أسباب سياسية أقحمها الرئيس ترامب على مشكلة الليرة التركية زادت من تعقيد الأزمة، فضلا عن الانتقادات العديدة لإسراف الرئيس ترامب فى فرض العقوبات على الدول والأفراد والشركات، بحيث أصبح «الضغط المالي» هو السلاح الذى تفضله إدارته، استنادا إلى أن كوريا الشمالية رضخت للتفاوض بسبب العقوبات الاقتصادية، وبالمثل يأمل الرئيس الأمريكى فى أن تلزم العقوبات الجديدة إيران إعادة التفاوض على صفقة نووية جديدة بدلا من الاتفاق الذى انسحب منه ترامب، كما يأمل فى أن تكسر العقوبات الجديدة أنف الرئيس التركى أردوغان، ونشرت صحيفة «واشنطن بوست» تقريرا يُفيد بأنه خلال فبراير 2018 فرضت الولايات المتحدة العقوبات على كوريا الشمالية وكولومبيا وليبيا والكونجو وباكستان والصومال والفلبين بما يؤكد تزايد فرض العقوبات، لكن ثمة دراسة أخرى تؤكد أنه من بين 200 حالة فرض عقوبات وجد أن فرض العقوبات كان مفيدا فى 13 حالة فقط، ولا مجال البتة للدفاع عن إسراف الرئيس ترامب فى فرض العقوبات بهذه الكثافة، التى ربما تؤدى إلى تكتل الدول المضارة ضد الولايات المتحدة ولكن من الصعب تعليق الجرس فى رقبة الرئيس الأمريكى وحده باعتباره سبب المشكلة الوحيد، لأن الرئيس التركى رجب الطيب أردوغان لا يمكن إعفاؤه من المسئولية ! خاصة أن مشكلات تركيا الاقتصادية تتعمق بفعل القيادة التسلطية للرئيس أردوغان بعد أن استحوذ على كل السلطات فى فترة حكمه الجديدة، وهو السبب الرئيسى فى خلل السياسات المالية لأنه يكاد يكون قد ألغى دور البنك المركزى التركى بما جعل التضخم يقفز إلى 16%، إضافة إلى فشله فى بناء علاقات خارجية قوية تسهم فى خدمة الاقتصاد التركي، والأمر المؤكد أن الاقتصاد التركى كان قادرا على امتصاص آثار أزمته الأخيرة مع الولايات المتحدة، لو أنه حافظ على علاقات قوية مع العالم العربى ودول الخليج التى كانت أسواقها قادرة على استيعاب المنتجات التركية، وتعتقد «فاينانشيال تايمز» أن تعامل أردوغان مع الأزمة يزيد من قلق الأسواق، فبدلا من السعى لإيجاد حلول للأزمة دعا المواطنين الأتراك إلى تحويل مدخراتهم من الذهب والدولار إلى الليرة التركية، وبدلا من اتخاذ إجراءات عملية يتضرع إلى الله فى خطبه لإيجاد حل للأزمة، ويسود الشارع التركى اقتناع واسع بأن أردوغان دخل معركة خاسرة مع الغرب والولايات المتحدة وأنه أصبح عبئا على مصالح بلاده.

نقلا عن الاهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مسئولية أردوغان ومسئولية ترامب مسئولية أردوغان ومسئولية ترامب



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 08:32 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريس "قلق جدا" لوجود قوات كورية شمالية في روسيا
  مصر اليوم - غوتيريس قلق جدا لوجود قوات كورية شمالية في روسيا

GMT 05:30 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يطالب بتطبيق القرار 1701 بحرفيته دون إضافات أو تفسيرات
  مصر اليوم - لبنان يطالب بتطبيق القرار 1701 بحرفيته دون إضافات أو تفسيرات

GMT 17:24 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة حديثة تكشف صلة محتملة بين الاكتئاب وارتفاع حرارة الجسم
  مصر اليوم - دراسة حديثة تكشف صلة محتملة بين الاكتئاب وارتفاع حرارة الجسم

GMT 04:39 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش منظم على الإنترنت ضد "تزوير الانتخابات" يدعمه إيلون ماسك
  مصر اليوم - جيش منظم على الإنترنت ضد تزوير الانتخابات يدعمه إيلون ماسك

GMT 09:38 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحوت

GMT 00:05 2023 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الأهلي يستقر على التجديد لعمرو السولية

GMT 07:13 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

جزء ثانٍ من فيلم «موسى» في صيف 2022 قيد الدراسة

GMT 13:06 2021 الثلاثاء ,08 حزيران / يونيو

أنشيلوتي يحسم موققه من ضم محمد صلاح إلى ريال مدريد

GMT 09:11 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحمل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon