بقلم - مكرم محمد أحمد
أخطر ما يتعلق بحملة الانتقادات الحادة على الرئيس الأمريكى ترامب التى وصلت إلى حد اتهامه بالخيانة، وأنه لأسباب مالية وغير مالية يخضع لتأثير الروس الذين يبتزونه لأنهم يملكون من الأدلة ما يجعله خاضعاً لضغوطهم، أن تُسفر الأزمة عن تقطع خيوط الثقة بين الرئيس الأمريكى وأجهزة أمنه ومعلوماته، كما تقطعت خيوط الثقة بينه وبين وزارة العدل الأمريكية ومكتب التحقيقات الفيدرالية، اللذين يتهمهما ترامب بتضليل العدالة وإطلاق حملات شريرة. وما يزيد الأزمة تعقيداً، أن بعض رؤساء أجهزة الأمن والمخابرات السابقين قد تجاوزوا حدود النقد إلى حد اتهام الرئيس الأمريكى بالخيانة والتواطؤ على مصالح الولايات المتحدة (!) كما فعل جون برينان الرئيس السابق للمخابرات المركزية على عهد الرئيس أوباما، وفى خطوة تصعيد جديدة أعلن البيت الأبيض أمس على لسان متحدثته الرسمية سارة ساندرز أن الرئيس الأمريكى ترامب يدرس إمكانية منع 6 من كبار رجال الأمن والمخابرات السابقين من الوصول إلى المعلومات السرية وسحب تراخيصهم الأمنية، وبالطبع تشمل القائمة جون برينان رئيس المخابرات المركزية السابق، والمدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالى جيمس كومى ومدير الاستخبارات الوطنية السابق جيمس كلابر، ومستشار الرئيس أوباما للأمن القومى سوزان رايس والنائب السابق لمدير المخابرات المركزية أندرو ماكيب، وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض ساندرز إن الرئيس ترامب يريد منع هذه الشخصيات من الوصول إلى المعلومات السرية الخاصة بالحكومة الأمريكية لأن بعض هؤلاء قد حقق مكاسب مهولة بملايين الدولارات من خلال تسريب هذه المعلومات إلى وسائل الإعلام،، وشنت صحيفتا واشنطن بوست ونيويورك تايمز هجوماً شديداً على قرار البيت الأبيض ورأت فيه خرقاً مباشراً غير مقبول للبند الأول من الدستور الذى يحمى حرية التعبير بما يهدد إحدى أهم الحريات الأساسية التى يقوم عليها المجتمع الأمريكى، والحق أن برينان مدير المخابرات المركزية السابق لم يكن وحده الذى وجه مثل هذه الاتهامات إلى الرئيس الأمريكى، وإنما سبقه رئيس لجنة الدفاع والأمن السابق فى مجلس الشيوخ جون ماكين، ورئيسة مجلس النواب الأمريكى السابق نانسى بلوسى وزعيمة الإقليمية الديمقراطية فى مجلس النواب الآن التى قالت فى مذكرة رسمية إنها تخشى أن يكون الرئيس ترامب خاضعاً لضغوط الروس لأسباب مالية أو غير مالية!، بل إنه فى 12 يوليو الماضى كتبت صحيفة نيويورك تايمز أن الرئيس ترامب تم تجنيده لحساب الروس منذ عام 1987 عندما سافر إلى موسكو لمناقشة إمكانية بناء فندق فى موسكو، وفى العام نفسه التقى ترامب فى نيويورك مع السفير السوفيتى يورى دوبينين، وقالت نيويورك تايمز إنه من الممكن أن يكون لدى الكرملين معلومات تفضح ترامب بعد زيارته الأولى لموسكو، فضلاً عن أن عدم رغبة ترامب فى نشر إقراره الضريبى قد يرجع إلى حقيقة أنه تمكن لعدة سنوات من الحصول على أموال روسية، غير أن ترامب لم يتورع عن مهاجمة صحيفتي واشنطن بوست ونيويورك تايمز، وأمس فقط قال الرئيس ترامب فى تغريدة أخيرة له إن صحيفة واشنطن بوست المملوكة لمؤسسة أمازون هاجمته بجنون بعد خسارة قضية الإنترنت أمام المحكمة العليا قبل شهرين !.
وفى محاولة لتحقيق وقع قراره بسحب التراخيص الأمنية من ستة من كبار رجال المخابرات والأمن السابقين، الأمر الذى سوف يكون له أثره على مجتمعاتهم، نفى البيت الأبيض أمس أن تكون خطط الرئيس ترامب لإلغاء تراخيص أمن ستة من أرفع رجال الأمن والمخابرات الأمريكية جزءاً من عقاب يستهدف منتقديه، كما أقر بتدخل روسيا فى انتخابات الرئاسة الأمريكية، وأكد ثقته بنتائج تحقيقات الاستخبارات الأمريكية التى أثبتت صحة تدخل موسكو، لكنه حرص على أن ينفى أى نوع من التواطؤ بين حملته الانتخابية عام 2016 وروسيا، كما أكد أمس أنه لم يتنازل عن أى شىء فى لقائه مع الرئيس الروسى بوتين فى هلسنكى.
وقد سعت إدارة الرئيس ترامب إلى تأكيد أن العلاقات الأمريكية لا تزال تفتقد ثقة الأمريكيين بالروس، وقالت نيكى هايلى مندوبة أمريكا فى الأمم المتحدة إن موقف بلادها من روسيا والقيادة الروسية يتسم بعدم الثقة، وأنه من الصعب أن يثق الأمريكيون بالروس أو بالرئيس فلاديمير بوتين، وأن الروس لن يصبحوا أبداً أصدقاء لنا، وهذه هى الحقيقة والواقع الذى لم يتغير، ولا يزال الديمقراطيون فى الكونجرس يطالبون باستدعاء المترجمة مارينا غروس الموظفة بالخارجية الأمريكية والتى ترجمت المباحثات بين الرئيسين ترامب وبوتين ليس من أجل استجوابها بعد أن ثبت أن ذلك ينافى كل التقاليد ولكن من أجل أن تسلم للكونجرس الملاحظات التى دونتها المترجمة خلال المحادثات بما أثار سؤالاً مهما لا يزال ينتظر الإجابة هل الملاحظات التى يدونها المترجم كى تساعده على سرعة الترجمة تعد وثيقة رسمية أم أنها أمر شخصى .
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع