توقيت القاهرة المحلي 18:25:53 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خطاب الكراهية

  مصر اليوم -

خطاب الكراهية

بقلم :مكرم محمد أحمد

يجتاح العالم خطاب كراهية يقوم على العنصرية والتعصب وإنكار حقوق الآخرين والاعتقاد بتفوق الجنس الأبيض وحقه فى أن يسود كل الأجناس ويزدرى السود والملونين وكل أجناس البشر الذين ينبغى أن يخضعوا لسيطرة الرجل الأبيض، كى يتحقق للعالم المزيد من التحضر والتقدم، والخروج من عصور الهمجية والتوحش إلى عصور النور، تبريرا لسيطرة قوى الاستعمار القديم التى أعطت لنفسها حق احتلال أراضى الآخرين والسيطرة على مقدرات شعوب الجنوب ونهب ثرواتها، منذ أن دخلت البشرية عصر البارود، واحتكر الرجل الأبيض قوة البندقية فى مواجهة العصا والرمح والسهام التى تمثل جماع قوة الإنسان الجنوبى فى عصور الصيد، قبل أن يتعلم حرفة الزراعة والرى وضرورات الاستقرار وأهمية الخروج من الغابة إلى المدينة! 

وبرغم كفاح البشرية الطويل سعيا إلى إقرار الحقوق المدنية للأفراد والمجتمعات على قاعدة المساواة التى بزغت مع الثورة الفرنسية باعتبارها واحدا من أهم حقوق الإنسان، واندحار سيطرة الرجل الأبيض بنهاية عصر العبيد فى أتون الحرب الأهلية التى خاضتها هذه المجتمعات، وتوثيق حقوق الإنسان فى العدل والمساواة فى اتفاقات ومعاهدات ووثائق وطنية ودولية وعالمية، لاتزال بذور الكراهية العنصرية كامنة فى كثير من مجتمعات الغرب خاصة الولايات المتحدة، تغذى خطابا عنصريا يقوم على الكراهية ورفض التعايش مع الآخر وإنكار حقوقه، تحتضنه جماعات عنصرية عديدة يعاودها الحنين إلى عصر سيطرة الرجل الأبيض، تحت ذرائع الخوف والقلق على مستقبل الحضارة الإنسانية بانهيار مكانة الرجل الأبيض التى تتآكل فى مجتمعات غربية عديدة، تتوازن فيها حقوق البيض وحقوق الملونين تحت ضغوط الهجرة القادمة من الجنوب التى زادت فى الوزن النسبى للسود والملونين ربما على حساب الرجل الأبيض فى بعض الحالات والمجتمعات! خاصة مع الأزمات الاقتصادية المتتابعة التى تمر بها الاقتصاديات الوطنية والعالمية وضيق فرص العمل، وارتفاع نسب البطالة فى شرائح عديدة من البيض تنتمى إلى الطبقة الوسطى الضعيفة ولم تتحصل على فرص التعليم العالى وتعمل فى أنشطة وخدمات لاتدر دخلا كبيرا. 

ومنذ أن انفجرت فى مطلع الأسبوع الماضى حوادث مدينة تشارلو تسيفل العنصرية فى ولاية فرجينيا الأمريكية التى راح ضحيتها سيدة صغيرة السن و19 جريحا بعد اشتباكات عنيفة بين أنصار الجماعات العنصرية من كوكس كلان إلى النازيين الجدد، وجماعات أخرى من أنصار الحقوق المدنية تعارضها، والتوتر العنصرى يتأجج ويزداد خطورة فى جميع أنحاء الولايات المتحدة يكاد يقسمه ليزيد من غضب غالبية الأمريكيين على الرئيس ترامب الذى انهارت شعبيته إلى حدود 36 فى المائة، ويواجه أكبر أزمة داخلية، تتهمه بالتعاطف مع العنصريين الذين يشكلون أغلب جمهوره الانتخابى، وبأنه يشكل واحدا من أهم أسباب صعود التيار اليمينى المتطرف فى الولايات المتحدة وأوربا، وأنه تأخر كثيرا فى إدانة أحداث العنف العنصرى فى تشارلوتسيفل، وسعى فى البداية إلى أن يأخذ موقفا وسطا قبل أن يدين الأحداث العنصرية ويعتبرها موقفا شرا، وهو الأمر الذى تكرر مرة أخرى فى مدينة بوسطن بعد أسبوع من أحداث فرجينيا، إثر مظاهرة ثانية للعنصريين تجمعت فى حديقة المدينة، تدافع عن حق الجماعات العنصرية. كوكس كلان والنازيون الجدد، فى حرية التعبير!، واجهتها مظاهرة ضخمة شارك فيها أربعون ألفا خرجت إلى شوارع المدينة تعلن رفضها عودة العنصرية إلى أمريكا، وتدافع عن حق السود والملونين فى تعايش آمن على قاعدة المساواة فى الحقوق المدنية للجميع، وتطالب برفض خطاب الكراهية وعقابه، كما فعل الألمان الذين وافقوا على قانون يفرض غرامة قدرها 80 مليون دولار على أى خطاب سياسى ينطوى على كراهية الآخر ويعبر عن أى من صور التمييز العنصرى، والواضح من اتجاه الريح الأمريكية أن الرئيس ترامب هو الخاسر الأكبر من تأجيج الصراع العنصرى المتزايد داخل الولايات المتحدة. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطاب الكراهية خطاب الكراهية



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:43 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

GMT 05:12 2024 الخميس ,05 كانون الأول / ديسمبر

تصريح عاجل من بلينكن بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة

GMT 09:08 2018 السبت ,24 آذار/ مارس

لعبة Sea of Thieves تتوافر مجانا مع جهاز Xbox One X

GMT 08:25 2024 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

طائرة "مناحم بيغن" تتحول لفندق ومطعم

GMT 21:48 2021 الجمعة ,12 شباط / فبراير

بالميراس يقترب من التعاقد مع دييجو كوستا

GMT 18:37 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

شركات المحمول تتجه لرفع أسعار الخدمات خلال 3 شهور

GMT 08:43 2020 الأحد ,20 كانون الأول / ديسمبر

منظمة الصحة في ورطة بسبب "التقرير المفقود" بشأن "كورونا"

GMT 07:47 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

تطورات جديدة في واقعة الاغتصاب الجماعي لفتاة داخل فندق

GMT 00:41 2020 الجمعة ,18 كانون الأول / ديسمبر

عمر ربيع ياسين يكشف آخر كواليس معسكر منتخب مصر

GMT 12:05 2020 الجمعة ,04 كانون الأول / ديسمبر

فيفا عبر إنستجرام يبرز نجوم مصر محليا وقاريا

GMT 07:41 2020 الخميس ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

أسعار الفاكهة في مصر اليوم الخميس 19 تشرين الثاني/نوفمبر 2020

GMT 01:42 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

بايرن ميونخ يعلن ضم موتينج ودوجلاس كوستا في أقل من نصف ساعة

GMT 22:56 2020 الخميس ,01 تشرين الأول / أكتوبر

تسريب جديد للمُقاول الهارب محمد علي "يفضح" قطر
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon