بقلم - مكرم محمد أحمد
لا يستطيع أحد أن يقطع بأن الرئيسين الأمريكى ترامب والكورى الشمالى كيم جونج أون سوف يتمكنان من تسوية خلافاتهما الراهنة حول التدريبات الجوية المشتركة بين القوات الجوية الأمريكية وقوات كوريا الجنوبية، بحيث يجتمعان فى سنغافورة 12 من الشهر المقبل، كما هو مُقرر، لبحث إخلاء الخليج الكورى من الأسلحة النووية، خاصة أن الرئيسين شديدا العناد شديدا التقلُب، يُمكن لأيهما أن يُفسد «الطبخة» فى آخر لحظة!، وبرغم تأكيدات الخارجية الأمريكية بأنها لم تتسلم من كوريا الشمالية أى إشارات تتعلق بتغيير موعد القمة أو مكانها، ثمة مخاوف من أن تتسبب حماقة أى من الرئيسين فى إلغاء القمة!. وبينما يؤكد الكولونيل الأمريكى روب ماننج المتحدث باسم البنتاجون، أن التدريبات الجوية المشتركة بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية عمل روتينى يُجرى كل عام لصيانة الاستعداد العسكرى وأن هدفها تعزيز دفاعات كوريا الجنوبية، تُصر كوريا الشمالية على أن التدريبات تستهدفها وتُشكل خرقاً عسكرياً للتطورات الإيجابية فى الخليج الكوري، وتشارك فى هذه التدريبات أكثر من مائة طائرة أمريكية من طراز إف 22 وقاذفات ب 52 وإف 15، وكما اعترضت كوريا الشمالية على التدريبات المشتركة باعتبارها عملاً مناهضاً لإعلان السلام الذى جمع رئيسى كوريا الشمالية والجنوبية قبل عدة أسابيع فى منطقة الحدود، ألغت كوريا الشمالية اجتماعاً بين ممثلى الكوريتين فى منطقة الحدود، كان المفروض أن يضُم خمسة من كل جانب لمناقشة مشروعات توحيد البنية الأساسية بين الكوريتين.
ويقول المسئولون الأمريكيون إنه رغم نظام كوريا الشمالى الشمولي، ثمة ما يؤكد وجود صقور وحمائم فى كوريا الشمالية، يختلفان على شروط عقد معاهدة سلام مع الولايات المتحدة وعلى طبيعة هذا السلام، وأن موقف الرئيس الكورى الشمالى الأخير من التدريبات المشتركة يُثير دهشة المسئولين الأمريكيين، لأن التدريبات تُجرى منذ عشرة أعوام ويشارك فيها ألف مقاتل أمريكى و500 مقاتل من كوريا الجنوبية، كما أن الرئيس الكورى الشمالى بعث برسالة إلى الرئيس الأمريكى ترامب فى مارس الماضي، يؤكد فيها عزم كوريا الشمالية على وقف تجارب صواريخها البلاستية البعيدة المدي، وتدمير موقع تجاربها النووية، وفى هذه الرسالة أكد الرئيس الكورى الشمالى أنه يتفهم أهمية التدريبات الجوية المشتركة بين أمريكا وكوريا الجنوبية.
وزاد الموقف تعقيداً تصريحات جون بولوتون مستشار الأمن القومى الأمريكى الجديد، التى أعلن فيها أن ليبيا سلمت مشروع سلاحها النووى إلى الأمريكيين بعد الغزو الأمريكى للعراق، وأن ليبيا تصلح لأن تكون مثالاً يجرى تطبيقه مع كوريا الشمالية، الأمر الذى أغضب الرئيس الكورى الشمالى كثيراً وسارع إلى التأكيد بأن كوريا الشمالية ليست ليبيا وليست العراق اللتين لقيتا مصيراً مزرياً، وبرغم أن الرئيس ترامب سارع بإعلان رفضه رؤى مستشاره للأمن القومي، مؤكداً أن ليبيا لم تكن أبداً النموذج الذى يُفكر فيه ونحن نتعامل مع كوريا الشمالية، وأن تغيير النظام الكورى الشمالى لا يدخل ضمن أجندة الموقف الأمريكى ولن يكون على أجندة الموقف الأمريكى فى أى صفقة يتم عقدها مع كوريا الشمالية، وإن الرئيس الكورى الشمالى سوف يبقى على رأس حُكم بلاده، لكن الواضح لكل المراقبين أن الرئيس الكورى الشمالى يسأل نفسه، ما هى ضمانات التزام الولايات المتحدة باتفاق يتم توقيعه اليوم مع كوريا الشمالية ثم تُعلن أمريكا إلغاءه من جانب واحد، كما حدث بين إيران والولايات المتحدة التى انسحبت أخيراً من الاتفاق النووى الإيراني! وأيا كانت أسباب الخلاف بين ترامب ومستشاره للأمن القومي، فالواضح أن الإثنين متفقان على ممارسة أقصى الضغوط على الرئيس الكورى الشمالى خلال مرحلة التفاوض وإذا كان جون بولوتون واضحاً فى إصراره على ضرورة أن ينهى الرئيس الكورى الشمالى برنامجيه النووى والصاروخي، ويقبل حق المفتشين الدوليين المفاجئ فى التفتيش على كل مؤسسات كوريا النووية والخضوع الكامل لكل مطالب ترامب لأن ذلك وحده هو ضمان بقاء الحكم فى كوريا الشمالية وضمان ازدهار أحوالها الاقتصادية، ودون الإذعان لشروط الولايات المتحدة يصعب على كوريا الشمالية أن تطمئن إلى مستقبل آمن وهذا ما أكده الرئيس الأمريكى أخيرا .
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع