بقلم مكرم محمد أحمد
ثمة تقرير عالمي خطير نشرته مجلات البحوث الطبية المتخصصة في الولايات المتحدة تفصيلا، وأشارت الصحف الأمريكية الكبري إلي مدي خطورته إلي حد مطالبة المجتمع الدولي ممثلا في الجمعية العامة للامم المتحدة بضرورة التدخل العاجل لاستصدار تشريع عالمي يسانده رؤساء الدول، يوقف الإسراف في استخدام المضادات الحيوية الذي أدي إلي تكيف عدد خطير من الفيروسات والبكتيريا مع هذه المضادات، وتحوير نفسها في أطوار جديدة لم يعد يجدي معها استخدام هذه المضادات، وهي بالطبع خسارة هائلة لأنه منذ منتصف القرن العشرين بعد ابتكار المضادات الحيوية دخل الطب مرحلة مهمة أصبح فيها استخدام المضادات الحيوية ركنا اساسيا من اركان العلاج والدواء.
ويكشف التقرير الخطير الذي نشرت صحيفة «الواشنطن بوست» أخيرا ملخصا وافيا عنه ـ ان عددا غير قليل من المضادات الحيوية فقد فاعليته، وان البشرية تواجه خطرا محققا يتمثل في أنواع متطورة من الفيروسات والبكتيريا تهدد حياة الإنسان لم تعد تقبل العلاج بالمضادات الحيوية، وان الصينيين اكتشفوا العام الماضي انواعا خطيرة من الفيروسات تملك قدرة مقاومة هذه المضادات!.
ويزيد من خطورة المشكلة ان المضادات الحيوية لم تعد عنصرا أساسيا للعلاج والدواء ضد الأمراض التي تصيب الانسان فقط، ولكن مجالات عملها امتدت إلي الزراعة بعد ان أصبحت المضادات الحيوية أهم العناصر الفاعلة في مقاومة عديد من الآفات والحشرات الزراعية التي تكبد الزراعة خسائر ضخمة ومهولة، لأن المضادات الحيوية لم تعد تصلح لمقاومة هذه الآفات التي تحورت وتطورت لتصبح شيئا مختلفا يملك القدرة علي مقاومة هذه المضادات، وثمة تنبؤات خطيرة بان استمرار البشرية في الإسراف في استخدام المضادات الحيوية سوف يبطل مفعول عدد مهول من المضادات الحيوية لم تعد تصلح لمعالجة البشر او مواجهة الآفات الزراعية، ويعتقد علماء البكتيريا ان التحدي الاساسي الذي يواجه البشرية الآن هو كيفية إقناع الناس والمستهلكين في كل ارجاء المعمورة بتقليل الاعتماد علي المضادات الحيوية، وحصر استخدامها في حالات محددة ينظمها جدول ملزم تلتزم به كل دول العالم، الامر الذي يتطلب ضرورة عقد جمعية عامة استثنائية للامم المتحدة يحضرها الرؤساء لضمان خروج هذه الاجتماعات بقرارات حاسمة يتم تفعيلها في كل أنحاء العالم، خاصة ان البشرية ربما تنتظر طويلا لاكتشاف علاج ودواء جديد واسع الأثر يحل مكان المضادات الحيوية.