بقلم : مكرم محمد أحمد
بالطبع كان بنيامين نيتانياهو رئيس وزراء إسرائيل يستهدف تحريض الرئيس الأمريكى ترامب على تمزيق الاتفاق النووى الإيرانى الذى وقعته طهران عام 2015 مع روسيا والصين والولايات المتحدة وعدد من دول أوروبا بينها فرنسا وألمانيا وبريطانيا، عندما بادر على طريقة الحواة بفض حزمة من الوثائق الإيرانية، قال إن الموساد حصل عليها من داخل إيران، يكاد حجمها الأصلى يتجاوز نصف الطن، تم تهريبها فى الليلة نفسها إلى إسرائيل، تثبت خداع طهران وافتقادها الصدق، لأن الوثائق تؤكد أن طهران كانت تملك منذ عام 2003 برنامجا عسكريا نوويا وأنها لم تتخل أبداً عن هذا البرنامج، وأنه ليس صحيحا بالمرة أن إيران لم تسع إلى إمتلاك برنامج عسكرى نووي.
ولأن بيان نيتانياهو صادف هوى فى نفس الرئيس الأمريكى ترامب، سارع الرئيس الأمريكى إلى إعلان أن بيان رئيس الوزراء الإسرائيلى يؤكد صدق ما توصل إليه ترامب قبل فترة، ويتوافق مع معلومات الولايات المتحدة التى تؤكد أن إيران لن تتخلى عن السلاح النووي, وأن إيران أخفت الحقيقة عن شعبها والعالم أجمع، وأن الرئيس الأمريكى يعتقد فى قرارة نفسه أن الاتفاق النووى الإيرانى فى الحقيقة ليس أكثر من قصة كذب وخداع، لكن مستشاريه خاصة وزير الخارجية السابق ركس تيلرسون ومستشاره للأمن القومى السابق ماكماستر ووزير دفاعه جيم ماتس يعتقدون أن الاتفاق مفيد وانه يمنع طهران بالفعل من الحصول على سلاح عسكرى نووي!.
ومع رحيل ركس تيلرسون وزير الخارجية و ماكماستر مستشار الأمن القومى لم يعد باقيا فى إدارة ترامب سوى وزير الدفاع جيم ماتس الذى يحاول منع الرئيس الأمريكى من أن يفعل ما يحب بالفعل أن يفعله, وهو تمزيق الاتفاق النووي, رغم نصائح الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون بالإبقاء على الاتفاق النووى الإيراني, ومعالجة نقائصه من خلال ملحق للاتفاق يعالج قضية تطوير إيران صواريخها البلاستية , فى الوقت الذى يرفض فيه وزير الخارجية الجديد الاتفاق الإيرانى كما يرفضه مستشار الأمن القومى الجديد جون بولو تون الذى كان دائماً من أشد أنصار إعلان الحرب على إيران!.
وأيا كان الأمر فسوف يكون على الرئيس ترامب أن يتخذ قراره مع اقتراب نهاية المهلة الزمنية لتجديد الاتفاق أو إلغائه، وفى الأغلب يتوقع المراقبون أن ينهى الرئيس الأمريكى العمل بالاتفاق النووى الإيرانى فهذا ما يحبه و يريده ,لكن صحيفة، واشنطن بوست، تشير فى عددها الأخير إلى مخاوف البعض من أن يكون الاستهواء واحدا من العوامل المهمة التى تؤثر على سلامة قرار ترامب، ووفقا لما قالته الصحيفة فإن ترامب كما يفهمه بنيامين نيتانياهو يبدو شخصية جد مختلفةـ تمطره بالمديح وتسمعه ما يحب أن يسمع فسرعان ما يصبح أداة طيعة فى يدك،على الأقل لفترة وقت مناسبة! بما يعنى أن ترامب سوف يلغى الاتفاق النووى الإيرانى لأن إسرائيل لا تراه فى صالحها رغم أن الاتفاق يحقق مصالح أوروبا ويمنع طهران من الحصول على سلاح نووي!.
لكن السؤال المهم هنا، ماذا يكون رد فعل الرئيس الكورى الشمالى إن ألغى الرئيس ترامب الاتفاق مع إيران؟ ,وما الذى يمكن أن يحصده إن عاد الرئيس ترامب عن قراره وألغى اتفاقه الجديد المحتمل مع كوريا الشمالية كما يريد أن يلغى الاتفاق الذى وقعته طهران مع الولايات المتحدة عام 2015؟, وهل من شأن هذا الموقف أن يجعل الرئيس الكورى الشمالى أكثر ترددا فى توقيع اى اتفاق مع ترامب ؟, وعندما سأل الصحفيون الأمريكيون ترامب، هل تعتقد أن انسحاب أمريكا من الاتفاق النووى الإيرانى يعطى الرسالة الصحيحة لكوريا الشمالية؟، رد الرئيس ترامب مؤكدا نعم، لكنه لم يحدد طبيعة الرسالة التى يمكن أن يفهمها رئيس كوريا الشمالية، بما زاد من غموض الموقف وألغازه، وربما تسبب فى المزيد من تعقيد الأمر, لأن مصداقية الولايات المتحدة أصبحت على المحك، ولأنه بات طبيعيا أن يسأل الرئيس الكورى نفسه, ما الذى يمنع ترامب من تكرار ما حدث مع إيران مرة أخرى مع كوريا الشمالية؟, ولماذا إذن يقدم للرئيس الامريكى كل هذه التنازلات،!
نقلا عن الآهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع