بقلم - مكرم محمد أحمد
فيما اعتبره الكثيرون خاتمة مدهشة لصراع مثير بين الرئيسين الأمريكى ترامب والكورى الشمالى كيم جونج أون، لم يدخر الاثنان وسعاً فى استخدام كل أساليب السخرية والازدراء الممكنة لتحقير بعضهما، وافق الرئيس الأمريكى ترامب على لقاء الرئيس الكورى الشمالى لمباحثات مهمة تجرى فى نهاية مايو القادم، بعد شهور محدودة من تبادل الاتهامات والتهديدات والأوصاف المقذعة المتبادلة، كما وافق الرئيس الكورى كيم جونج أون على وقف اختبارات وتجارب كوريا الشمالية النووية والصاروخية.
وقد نقل دعوة الرئيس الكورى الشمالى إلى الرئيس الأمريكى فى البيت الأبيض شانج إينى يونج مستشار الأمن القومى الكورى الجنوبى الذى التقى ترامب فى البيت الأبيض، وأبلغه تفاصيل عشاء امتد 4 ساعات مع رئيس كوريا الشمالية فى عاصمة كوريا الشمالية الأسبوع الماضي، ويأتى لقاء الرئيس الذى لم تسبقه أية محادثات بينهما وجهاً لوجه ولا أية مكالمة تليفونية مباشرة، بعد عام نجح فيه الرئيس الكورى الشمالى فى إطلاق صاروخ باليستى يمكن أن يصل إلى أية مدينة على أرض الولايات المتحدة بما فى ذلك العاصمة واشنطن، وبعد اختبار قنبلة كوريا الشمالية الهيدروجينية التى راقبتها واشنطن، وعلى حين قضى الرئيسان الأمريكى والكورى الشمالى هذا العام فى حملة من السخرية المتبادلة وصف فيها ترامب الرئيس الكورى بالسمين القصير، وهدد فيها الرئيس الكورى الشمالى ترامب بالتدمير الشامل، تجدد الحوار بين الطرفين الأمريكى والكورى بعد المباحثات التى أجرتها كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، وأكد فيها الرئيس الكورى الشمالى حرصه على أن يلقى الرئيس الأمريكى فى أسرع وقت ممكن!
وقد أعلن الرئيس الأمريكى ترامب أنه يمكن أن يلتقى الرئيس الكورى الشمالى فى مايو القادم وإن كان مقر الرئيس الكورى الشمالى قد أكد أن اللقاء سوف يتم فى نهاية مايو، لكن أيا من الطرفين لم يحدد مكان اللقاء أو موعده على وجه محدد، وإن كان الاحتمال الأكبر أن يعقد اللقاء خارج الكوريتين، وأكد متحدث باسم البيت الأبيض أن الرئيس يتطلع إلى نزع السلاح النووى من الخليج الكوري، لكن تنفيذ العقوبات التى أقرها الأمريكيون والأمم المتحدة سوف يستمر وسوف تستمر جميع الضغوط على كوريا الشمالية، وغَرد ترامب على تويتر مؤكداً حدوث تقدم كبير لكنه أكد أن العقوبات سوف تستمر إلى أن يصل الجانبان إلى اتفاق جديد. وحذر مراقبون من إمكانية أن يتراجع الرئيس الكورى الشمالى فى آخر لحظة، كما تراجع مرة سابقة إبان حكم الرئيس بوش الإبن وبعد أن أعلنت كوريا الشمالية عزمها تجميد أجزاء من برنامجها النووى مقابل رفع جزء من العقوبات، لكن مبعوث كوريا الجنوبية أكد التزام الرئيس الكورى الشمالى بوقف التجارب النووية والصاروخية على حين أكد الأمريكيون أن واشنطن ليست على استعداد لمكافأة كوريا الشمالية على طلبها اللقاء مع ترامب، وأن تنفيذ العقوبات سوف يستمر إلى أن يتفق الطرفان على التسوية المحتملة، وقال الأمريكيون إنهم لم يكونوا على استعداد لإجراء مباحثات مع مستويات أقل من الرئيس الكورى لأنهم يفعلون ذلك على مدى 27 عاماً دون أن يتحقق شيء يُذكر، فضلاً عن أن الأمريكيين يعرفون جيداً أن الرئيس الكورى الشمالى هو وحده صاحب القرار.
وأخطر ما يمكن أن يحدث، أن يتصور الرئيس الكورى أنه قادر على خداع ترامب الذى لن يتورع عن عقاب كوريا الشمالية بصورة فورية، بينما أكدت مصادر أخرى أن الرئيس الكورى الذى يملك الآن قدرة نووية وصاروخية تجعله يطلب معاملة بلاده على قدم المساواة كدولة نووية تتعامل مع دولة نووية، وأن إعلانه الاستعداد للقاء الرئيس الأمريكى يعنى إمكانية قبوله لإخلاء الخليج الكورى من السلاح النووى وتحقيق أمن المنطقة وسلامها، ويؤكد سفير كوريا الشمالية فى الأمم المتحدة أن الرئيس الكورى الشمالى أكثر ثقة بنفسه فى أى من المرات السابقة وأنه على استعداد الآن لقبول صفقة مع الولايات المتحدة على أسس متكافئة تسمح بمعاملته معاملة موسكو، وأنه يتميز بسعة الأفق والشجاعة، وأن الظروف مُهيأة لإمكان تحقيق خلو الخليج الكورى من الأسلحة النووية وضمان سلام المنطقة، وأن المطلوب الآن من الولايات المتحدة أن تعرف وتتفهم رغبة كوريا الشمالية فى سلام حقيقى وتسهم أيضاً فى أمن المنطقة وسلامها. واللافت للنظر أن أيا من الطرفين أمريكا وكوريا الشمالية لم يلجأ إلى موسكو أو بكين لتحقيق هذا التقارب المفاجئ الذى تم من خلال علاقات الكوريتين، لعبت فيه كوريا الجنوبية الجزء الأهم من الوساطة.
نقلا عن الاهرام القاهرية