بقلم : مكرم محمد أحمد
أغلب الظن أن قطر لن تستجيب لمطالب الدول الأربع، السعودية ومصر والإمارات والبحرين، التى حملها وزير الخارجية الكويتى إلى الدوحة أخيرا، وأن الأمور سوف تزداد تعقيدا، وربما يطول أمد الأزمة وتتصاعد فصولها فى ظل عناد قطر واصرارها الكاذب على أنها لا تؤوى الإرهاب ولا تموله ولا تعطيه ملاذا آمنا، رغم تصريحات الرئيس الأمريكى ترامب التى أكدت ضلوع قطر التاريخى فى تمويل كل جماعات الإرهاب ابتداء من القاعدة وداعش إلى جبهة النصرة فضلا عن جماعة الإخوان التى تتخذ من قطر ملاذا آمنا لعدد كبير من قيادتها، ورغم استمرار جرائم هذه الجماعات التى كان آخرها محاولة اقتحام الكعبة والمسجد الحرام فى مكة ليلة ختام القرآن التى أسفرت عن مقتل خمسة من الإرهابيين تحصنوا فى أحد بيوت مكة التى تقع داخل المنطقة المركزية للحرم الشريف!
ولا تحوى مطالب الدول الأربع أى شروط صعبة أو مستحيلة، ولا تفرض على قطر ما يمس سيادتها أو يقلصها، وهى مطالب واضحة وشفافة تضع أساسا جديدا لعلاقات طبيعية مستقرة بين قطر وجيرانها لا تستهدف كسر ارادة قطر أو التأثير على هويتها أو فرض الوصاية على سياساتها، لأنها تلتزم معايير العلاقات الصحيحة التى تربط بين الأمم والشعوب، بحيث تمتنع قطر عن التدخل فى الشأن الداخلى لأى من الدول الأربع، وتتوقف عن تمويل وتسليح جماعات الإرهاب، وتقطع علاقاتها مع جماعة الإخوان الإرهابية وحزب الله، وتدفع التعويضات عن أى أضرار تسببت فيها قطر داخل الدول الأربع، وتلتزم بالأحكام التى وردت فى اتفاق الرياض الذى وقعه تميم عام 2014، وتغلق القاعدة العسكرية التركية ومحطة الجزيرة وتخفض مستوى تمثيلها مع إيران، ولأن قطر لا تفى بوعودها وعادة ما تخترق أى اتفاقات توقعها كما حدث فى اتفاق الرياض، قررت الدول الأربع اخضاع أى اتفاق جديد مع قطر للمراقبة بحيث تصدر بشأنه تقارير عسكرية خلال العام الأول من تنفيذ الاتفاق، وتقارير كل ثلاثة أشهر خلال السنة الثانية وتقرير كل عام على امتداد الأعوام العشرة الأولي.
وفى ردوده على مطالب الدول الأربع قال وزير خارجية قطر إن قطر سوف تمتنع عن أى تفاوض مع الدول الأربع ما لم تتوقف الدول الأربع عن إجراءاتها العقابية وترفع الحصار المفروض على قطر، فى الوقت الذى أعلنت فيه تركيا أنها لن تغلق قاعدتها العسكرية فى الدوحة بما يشير إلى تدخل تركيا السافر فى الأزمة الخليجية وسعيها إلى تدويل المشكلة، خاصة أن قاعدة تركيا العسكرية فى الدوحة لا تشكل مظلة حماية لأمن الأسرة القطرية الحاكمة فى ظل وجود قاعدة العيديد الأمريكية التى تضم أكثر من 10 آلاف جندى أمريكى وتنطلق من مطاراتها عمليات القصف الجوى الأمريكى التى تستهدف مواقع داعش فى سوريا والعراق، وتمارس عملها المعتاد.
ولأن غلق الحدود مع السعودية تسبب فى توقف التجارة بين البلدين رغم اعتماد قطر على السعودية فى استيراد النسبة الأكبر من حاجياتها الغذائية تتدفق السلع الإيرانية والتركية على قطر عبر اساطيل النقل الجوى التى حملت إلى قطر أخيرا أكثر من أربعة آلاف من أبقار الفيرزيان فى أكبر عملية نقل جوى للماشية لتغطية النقص فى الألبان. ويكاد يغلب على توجهات الغرب والأمريكيين تجاه الأزمة القطرية سياسة الوجهين، فحتى حين يمتدح الرئيس ترامب قرارات الدول الأربع ضد قطر ويؤكد أنها كانت ضرورية ومهمة، يطالب وزير خارجيته ركس تيلرسون بتخفيف العقوبات عن قطر ورفع الحصار عنها، وهذا هو أيضا موقف إنجلترا رغم تعرضها على امتداد الشهرين الأخيرين لعدد من جرائم الإرهاب التى تشجع عليها قطر، لكن الواضح حتى الآن من ردود أفعال الدول الأربع أنها تصر على مطالبها، وهذا ما أكده الرئيس عبدالفتاح السيسى فى خطابه ليلة القدر، عندما أعلن أن مصر لن تغفر ولن تنسى هؤلاء الذين شجعوا ومولوا ودربوا جماعات الإرهاب.