بقلم : مكرم محمد أحمد
لأسباب عديدة لم تنجح قمة العشرين التى انعقدت فى مدينة هامبورج فى تنظيم جهود الولايات المتحدة والصين وروسيا من أجل كبح جماح كوريا الشمالية التى تصر على استمرار تجاربها الصاروخية والنووية خارج معاهدة الحظر وتكاد تستدعى حرباً عالمية ثالثة لأنها تريد أن تصبح عضواً فى النادى النووى ، تملك أسلحة صاروخية بعيدة المدى يمكن أن تحمل قنبلة نووية يتجاوز مداها الساحل الغربى لأمريكا الشمالية ، الأمر الذى يشكل تهديداً واضحاً لأمن الولايات المتحدة وتحدياً مباشراً للرئيس ترامب الذى لم تفلح تغريداته الغاضبة على تويتر فى وقف مغامرات رئيس كوريا الشمالية!
وقبل عدة أيام حبس العالم أنفاسه قلقاً من ردود الأفعال الأمريكية المحتملة على إطلاق كوريا الشمالية لصاروخ بعيد المدى بقى فى الجو فترة زمنية تكفى لوصوله إلى سواحل ألاسكا وتقول تقديرات الخبراء إن مدى الصاروخ يمكن أن يتجاوز 4 آلاف ميل ليصل إلى أى من المدن الأمريكية على الساحل الغربى، الأمر الذى أغضب الرئيس ترامب الذى اعتبر إطلاق الصاروخ تحدياً مباشراً له، ودفع وزير الخارجية الأمريكى ركس تيلرسون إلى أن يعلن نفاد فترة صبر الولايات المتحدة الإستراتيجى، وبرغم أن تيلرسون لم يفصح عن معنى هذه الكلمات فإن العالم فهم أن للصبر الأمريكى حدودا وأن فرص الصدام بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة تزداد وتقترب، خاصة أن الرئيس الكورى الشمالى «كيم» أطلق فى عام واحد أعدادا من الصواريخ تفوق الأعداد التى أطلقها والده على مدى 17 عاما كما أجرى خمس تجارب نووية ، تثبت أن كوريا الشمالية تقترب حثيثا من الوصول بقدراتها النووية والصاروخية إلى الساحل الغربى للولايات المتحدة ، فضلاً عن حقائق أخرى أهمها أن اليابان وكوريا الجنوبية الحليفين الأساسيين لواشنطن فى منطقة شرق أسيا أصبحا فى مرمى صواريخ كوريا الشمالية بما يفرض على الرئيس ترامب ضرورة تعزيز صمود الدولتين خاصة أن كوريا تعمدت إطلاق صاروخها البعيد المدى قبل وقت قصير من اجتماع قمة العشرين فى هامبورج ولقاء ترامب مع عدد من قادة آسيا إمعاناً فى التحدى.
وفى ردود أفعاله على التحدى أمر الرئيس ترامب بإجراء تدريبات صاروخية مشتركة بين القوات الأمريكية فى المحيط الباسفيكى وقوات كوريا الجنوبية لإظهار قدرتهما المشتركة على ردع أى عدوان يأتى من كوريا الشمالية بما زاد من خطورة الموقف ليبلغ التوتر ذروته ، إلى حد دفع الصين رئيس الدورة الحالية لمجلس الأمن إلى إصدار تحذير مهم يطالب كل الأطراف بوقف التصعيد وخفض التوتر لأن خروج الصراع عن حدود السيطرة ينذر بوضع كارثي.
اقترحت بكين تساندها موسكو وقف كوريا الشمالية تجاربها النووية والصاروخية مقابل تعليق التدريبات الصاروخية بين واشنطن وكوريا الجنوبية لكن واشنطن رفضت الاقتراح.. ، ورغم توافق الأطراف الثلاثة واشنطن وبكين وموسكو فى قمة هامبورج على أهمية وقف التصعيد وإخلاء الخليج الكورى من أى أسلحة إستراتيجية فإن تحقيق هذه الأهداف يواجه أسئلة صعبة ومعقدة أهمها كيف وما هو الثمن؟ وما الذى يفيد كوريا الشمالية من وقف تجاربها الصاروخية والنووية؟ وماذا يغرى الصين وهى أكثر الأطراف تأثيراً على كوريا الشمالية كى تشدد ضغوطها على كوريا الشمالية؟ وهل يمكن الوصول إلى موقف موحد بين الأطراف الثلاثة ، واشنطن وبكين وموسكو ، رغم تناقضات مصالحهم.
أسئلة صعبة ومعقدة يصعب معها الوصول إلى حل نهائى للأزمة الكورية التى سوف تظل تراوح مكانها تتصاعد وتهبط انتظارا لتوافق عالمى لا يزال صعب المنال