توقيت القاهرة المحلي 21:18:00 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قمة حوض النيل وحقوق مصر المائية

  مصر اليوم -

قمة حوض النيل وحقوق مصر المائية

بقلم : مكرم محمد أحمد

اتخذت مصر قرارها الشجاع بالعودة إلى اجتماعات دول حوض النيل مع استمرار رفضها اتفاقية الإطار التى تنص على إعادة توزيع حصص مياه نهر النيل دون الالتزام بتحقيق الأمن المائى لكل دول الحوض وعدم الإضرار بمصالح أى منها، وتم التوقيع عليها بصورة منفردة من ست دول دون الالتزام بآلية صنع القرار فى مفوضية دول الحوض التى تؤكد ضرورة توافق كل الأعضاء رغم اعتراض دولتى المصب، مصر والسودان، على بعض بنود الاتفاق. 

وسوف يحضر الرئيس عبد الفتاح السيسى اجتماعات قمة دول حوض النيل التى تعقد الأسبوع المقبل فى منتجع مونيوتو على مسافة مائة كيلو متر من العاصمة الأوغندية مهما تكن مستويات حضور القمة، تقديرا لجهود الرئيس الأوغندى موسوفينى الذى ينادى بعقد قمة دول حوض النيل منذ عدة سنوات لاعتقاده أن القمة يمكن أن تجد الحلول لكثير من مشكلات دول الحوض، التى فشل الفنيون والوزراء المختصون فى ايجاد حلول صحيحة لها تضمن تحقيق الأمن المائى لكل دول الحوض والحفاظ على وحدة دول الحوض وسوف يسبق اجتماع القمة اجتماع وزراء خارجية دول الحوض العشر (مصر والسودان وأوغندا وأثيوبيا وتنزانيا والكونغو وروندا وبروندى وجنوب السودان) لتحديد جدول أعمال القمة. 

الحق أن الرئيس الأوغندى موسوفينى يلح منذ عدة سنوات على ضرورة انعقاد قمة دول الحوض رغم عدم حماس بعض دول الحوض بهدف تصفية الخلافات بين دول الحوض وتهيئة المناخ لعلاقات صحيحة تمكن دول الحوض من تبنى العديد من المشروعات المشتركة التى يمكن أن تقام على النهر وتحقق المنفعة لدول الحوض دون الإضرار بمصالح أى منها، خاصة أن مؤسسات التمويل العالمية «البنك والصندوق» تشترط لتمويل مثل هذه المشروعات المشتركة ضرورة توافق كل دول حوض النيل ضماناً لعدم الإضرار بمصالح أى منها، وعندما اعترضت مصر والسودان على بعض بنود اتفاقية المياه الجديدة وعلقت مصر حضورها فى اجتماعات دول الحوض توقف صندوق النقد والبنك الدولى عن تمويل عدد من المشروعات بعد أن تأكد للمؤسستين العالميتين أن بنود الاتفاقية تضر بمصالح مصر المائية التى تعتمد على نحو مطلق على مياه النيل لشح الأمطار التى تسقط على مصر وتواضع حجم مخزونها من المياه الجوفية خاصة أن حقائق الواقع والجغرافيا تؤكد أن ما يسقط على دول حوض النيل من أمطار يتجاوز 1660 مليار متر مكعب تغطى احتياجات الزراعة فى دول الحوض وتزيد إضافة إلى مياه الأنهار العديدة خاصة نهر الكونسجو الذى يدفق المليارات من الأمتار المكعبة فى المحيط ، بينما لا يزيد حجم المياه داخل نهر النيل على 84 مليار متر مكعب يذهب منها 55 مليارا الى مصر تشكل مصدر الحياة لسكانها الذين يربون الآن على 90 مليون نسمة وتذهب 18 مليارا أخرى إلى السودان، ورغم ان مصر تدخل مرحلة شح المياه بعد أن تناقص نصيب الفرد من المياه الى حدود 600 متر مكعب فى العام ، تعرضت مصر قبل عدة سنوات لحملة مغرضة قادتها أثيوبيا ودول أخرى تتهم مصر بأنها تستحوذ على النصيب الأكبر من مياه نهر النيل على حساب دول المنبع التى تعانى الحرمان وقلة مشروعات التنمية ، ومع الأسف ترسخت هذه الفرية الظالمة فى أذهان العديد من الأفارقة يتهمون مصر والسودان بالاستحواذ على النصيب الأكبر من مياه النيل على حساب الدول الإفريقية الفقيرة، إلى أن وضحت الحقائق أمام الجميع وبات جلياً للأفارقة والمجتمع الدولى أن ما يصل إلى مصر من مياه النيل يشكل حجماً متواضعا قياساً على حجم الأمطار التى تسقط على دول الحوض وعدد الأنهار التى تجرى فى ربوعها والمخزون الضخم من المياه الجوفية بسبب تساقط هذا الحجم الضخم من الأمطار على مدى أزمان عديدة. 

ما من شك أن الجهود التى بذلتها مصر على امتداد الأعوام الثلاثة الأخيرة لتعزيز إنتمائها الأفريقى ووقوف مصر فى صف الدول الإفريقية حفاظا على حقوق القارة السمراء، وحرص الرئيس السيسى على حضور كافة اجتماعات القمة الإفريقية وإختياره ممثلاً للمصالح الإفريقية فى قضية تغيرات المناخ، واهتمام مصر الزائد بتوسيع حجم استثماراتها ومشاركتها التجارية مع العديد من دول القارة فضلاً عن سياستها الثابتة فى ضرورة حل المشكلات الأفريقية عبر التفاوض وجهود الوساطة ، والتزامها الراسخ بعلاقات سلام وتعاون مع جميع الدول الأفريقية ومشاركتها الواسعة فى قوات حفظ السلام فى بقاع أفريقية عديدة، ما من شك أن هذا الجهد المصرى الدءوب على مدى ثلاث سنوات من حكم الرئيس السيسى أحدث تغييراً كيفياً واضحاً فى علاقات مصر الأفريقية أزال معظم الشوائب العالقة فى علاقات مصر الأفريقية لتظهر صورة مصر الحقيقية زاهية فى عيون الأفارقة تبدد هذا الفهم القديم المغلوط. 

وبهذه الروح الجديدة يذهب الرئيس عبد الفتاح السيسى إلى قمة دول حوض النيل يؤكد حرص مصر على المشاركة فى المشروعات التنموية الضخمة التى تستهدف تقليل الفاقد من مياه نهر النيل وزيادة موارده المائية بما يضمن استفادة كل دول حوض النيل ، ويزيد من حجم استفادة الدول الإفريقية من معدلات المطر العالية التى تسقط فوق ربوع أفريقيا، ويساعد على عودة الشركاء الدوليين للإسهام فى تمويل العديد من المشروعات العالقة بسبب غياب التوافق بين الشركاء الأفارقة على هذه المشروعات التى يمكن أن تضر مصالح بعض دول الحوض خاصة مصر التى طالب البعض بإعادة النظر فى حصتها المائية فى ظل الفوضى التى ضربت أطنابها فى مصر بعد ثورة 25 يناير، وكما تغيرت مواقف معظم الدول الإفريقية من مصر إلى الأفضل بعد أن تبدد الكثير من الفهم الخاطئ والمغلوط ، تغيرت أحوال مصر لتعود من جديد صورة مصر الدولة القوية القادرة على الدفاع عن حقوقها التاريخية التى تؤثر السلام مع أشقائها الأفارقة وتدعو إلى علاقات تعاون وشراكة تفيد الجميع دون الإضرار بمصالح أى من دول الحوض. 

فى ظل هذا المناخ المتغير إلى الأفضل فى علاقات مصر بدول القارة السمراء يدعو الكثير من قادة وحكماء إفريقيا الذين يحضرون المؤتمر الأول لقادة دول حوض النيل إلى ضرورة التوافق بين جميع دول الحوض على عدد من المبادئ التى تحكم العديد من الدول التى تتشارك فى حوض واحد لأى من الأنهار، مستقاة من أحكام القانون الدولى وتجارب إقليمية وعالمية عديدة أهمها، أن النهر ملك لجميع دول الحوض ومن حق الجميع الاستفادة من إمكانياته فى إطار الاستخدام المنصف والعادل لمياهه، وعدم الإضرار بالحقوق التاريخية لأى من دول الحوض، وتعظيم المكاسب المشتركة، والموازنة المنصفة بين الدول التى تملك مصادر متعددة للمياه والدول التى تعتمد بالكامل على نصيبها من مياه النهر، وتعظيم استفادة الجميع من تمويل المؤسسات المالية الدولية الكبرى، والأخطار المسبق عن أى مشروع يمكن أن يؤثر على مصالح الأطراف الأخرى، وتبادل المعلومات المتعلقة بالنهر ومشروعاته فى شفافية كاملة دون تباطؤ أو مماطلة، وتحقيق الأمن المائى لكل دول الحوض دون الإخلال بالاستخدامات الفعلية. 

ولأن بعض دول الحوض رفضت الموافقة على المبدأ الأخير الذى يمنع الإخلال بالاستخدامات الفعلية لمياه النهر ويحفظ الحقوق التاريخية لدول الحوض بدعوى أن هذا المبدأ يمثل فى جوهره ترديدا لما ورد فى اتفاقات تم توقيعها فى عصور الاستعمار لا تلزم أحداً، الأمر الذى يضر على نحو بالغ بمصالح مصر المائية .. ولهذه الأسباب رفضت مصر توقيع الاتفاق لأنه لا يضمن الحد الأدنى من حصتها المائية رغم اعتمادها المطلق على مياه النيل. 

ولأن المناخ الإفريقى تغير كثيرا تجاه مصر لأسباب عديدة سالفة الذكر ارتأت مصر استجابة لنداءات الرئيس الأوغندى أن تحضر قمة دول حوض النيل إبداء لحسن النيات، ولأن انعقاد قمة دول حوض النيل يمثل حدثا تاريخيا مهما ينبغى الحرص عليه وتطويره بما يجعل انعقاد القمة منتظما على نحو دورى، وأملا فى أن يتمكن حكماء إفريقيا من سد هذه الفجوة التى تضر مصالح دول المصب، مصر والسودان من خلال التوافق على احترام حصص السودان ومصر المائية التى تمثل الحد الأدنى لاحتياجاتها المائية وتكاد تكون قضية حياة أو موت بالنسبة للشعب المصرى يستحيل التفريط فيها ، فهل تصحح قمة دول حوض النيل هذا الخطأ التاريخى فى حقوق مصر المائية بما يقنن حقوقها فى إطار الحفاظ على نصيبها الحالى من مياه النهر ويهييء لدول الحوض ظروفا جديدة تمكنها من زيادة موارد النهر وتقليل فاقده من خلال تعاون مشترك يحظى بمساندة مؤسسات التمويل الدولى، أغلب الظن أن الريح القادمة من أوغندا سوف تفتح أبواب الحل لمشكلات عديدة تعيشها دول الحوض أهمها بالضرورة حاجة مصر الملحة لتأمين حصتها من مياه نهر النيل حفاظاً على حياة شعب عريق بنى على ضفاف نهر النيل أعظم حضارات الإنسان وأقدمها على مر الزمان. 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قمة حوض النيل وحقوق مصر المائية قمة حوض النيل وحقوق مصر المائية



GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 23:09 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل يمكن خلق الدولة في لبنان؟

GMT 23:01 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

ستارمر والأمن القومي البريطاني

GMT 22:55 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

حول الحرب وتغيير الخرائط

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 01:37 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً
  مصر اليوم - طرق مختلفة لاستخدام المرايا لتكبير المساحات الصغيرة بصرياً

GMT 00:20 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة
  مصر اليوم - ترامب يؤكد أنه سيقر بهزيمته إذا كانت الانتخابات عادلة

GMT 13:46 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

جيل ستاين تؤكد أن خسارة هاريس للأصوات بسبب دعم "إبادة غزة"
  مصر اليوم - جيل ستاين تؤكد أن خسارة هاريس للأصوات بسبب دعم إبادة غزة

GMT 14:45 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان
  مصر اليوم - أحماض تساعد على الوقاية من 19 نوعاً من السرطان

GMT 20:53 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

منى زكي تكشف عن رد فلعها بعد موجة التنمر
  مصر اليوم - منى زكي تكشف عن رد فلعها بعد موجة التنمر

GMT 07:02 2024 الأحد ,27 تشرين الأول / أكتوبر

الفرنسي هيرفيه رونار يعود لتدريب منتخب السعودية

GMT 15:43 2021 الخميس ,22 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 17:24 2024 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

جهاز مبتكر ورخيص يكشف السرطان خلال ساعة

GMT 05:30 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

ميسي يثير الغموض حول مشاركته في كأس العالم 2026

GMT 13:21 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

الأهلي يتعاقد مع "فلافيو" كوم حمادة 5 سنوات

GMT 02:31 2021 الإثنين ,22 آذار/ مارس

طريقة عمل اللازانيا باللحمة المفرومة

GMT 00:00 2023 الجمعة ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

كولر يدرس تصعيد شباب الأهلي بعد تألقهم مع منتخب الشباب

GMT 02:52 2021 الجمعة ,11 حزيران / يونيو

ياسمين صبري تبهر متابعيها بـ إطلالة جديدة

GMT 02:00 2021 الإثنين ,18 كانون الثاني / يناير

مسعود أوزيل يغادر لندن للانضمام إلى صفوف فناربخشة التركي

GMT 07:13 2020 الإثنين ,30 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة لا ينبغي تقديمها للأطفال في فصل الشتاء تعرّفي عليها

GMT 02:48 2020 الإثنين ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

تعرف على السيرة الذاتية للفنانة عبير بيبرس

GMT 17:46 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

أهم وأبرز إهتمامات الصحف السعودية الصادرة الثلاثاء

GMT 00:30 2019 الثلاثاء ,10 كانون الأول / ديسمبر

شقيق جيجي حديد وبيلا حديد ينافسهما في مجال عرض الأزياء

GMT 10:43 2019 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

نجمة صينية ترتدي فستان زفاف ساحرًا من مئات الطبقات
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon