بقلم : مكرم محمد أحمد
هذا حوار مهم عن أحوال سيناء حتى أمس الأول مع عبدالله الجهامة كبير مجاهدى سيناء وأحد كبار المشايخ الذين حاربوا وراء خطوط القوات الإسرائيلية بعد هزيمة يونيو عام 67 فى نطاق الحرس الوطنى الذى أنشأه عبدالناصر عام 67 من شباب قبائل السواركة والرميلات والترابين على حدود مصر مع غزة وإسرائيل، وتحول معظم كوادره إلى عناصر قتالية تحارب سراً وراء خطوط العدو بعد احتلال سيناء متعاونة مع قوات الجيش المصرى، وظل على جهاده إلى أن خاضت مصر حرب 73 المجيدة التى أعادت الأرض والكرامة والاعتبار إلى القوات المسلحة.
سألته، كيف ترى أوضاع الأمن فى سيناء الآن ولماذا ارتفعت معدلات جرائم الإرهاب بعد أن انخفضت بصورة ملحوظة على امتداد الشهور العشرة الأخيرة؟!
رد الشيخ قائلا: مع الأسف لا يريد البعض منا أن يعترف بأن الأوضاع فى سيناء الآن أكثر أمنا بكثير، وأن العملية الأخيرة التى قامت بها عناصر إرهابية فى منطقة «بلعا» الواقعة بين رفح والشيخ زويد مع بدايات الأزمة القطرية لكى يثبتوا أنهم موجودون كانت بمثابة طامة كبرى على هذه الجماعات، بعد أن وقعت تحت حصار وابل من نيران القوات الأرضية وعملية القصف الجوى التى تمت قبل أن يتمكنوا من الهرب لتعمل فيهم القتل والتدمير ، ومن المؤكد أن خسائرهم البشرية جاوزت 40 قتيلا.
ماهى طبيعة منطقة «بلعا» وكيف تحولت إلى قاعدة لهذه الجماعات التى لا نعرف على وجه التحديد هل هم من الأغراب الأجانب عن سيناء، أم من الفلسطينيين من كوادر حماس أم أنهم من بدو سيناء؟!
«بلعا» منطقة جرود رملية تحفها جنوبا بعض الزراعات تقع على حدود مصر مع قطاع غزة، مساحتها لا تتجاوز 16 كيلو مترا مربعا، يصعب اختراقها بدون سيارات الدفع الرباعى تتجاور وتتماس مع كتائب القسام التابعة لحماس، والعلاقات متداخلة على الجانبين، ومايؤكد ذلك وجود ثلاثة قتلى من كتائب القسام غير الذين تمكنوا من الهرب، لكننى أصدقك القول عندما أؤكد لك أن معظم إن لم يكن جميع الإرهابيين هم من «مطاريد وادى النيل» القادمين من محافظات الغربية والبحيرة ودمياط والدقهلية بمن فى ذلك أمراؤهم، والجميع لا يخفون أنهم ينتمون لجماعة الإخوان.
سؤالى الثالث، ما هو حجم البؤر المماثلة فى شبه جزيرة سيناء شمالا ووسطا وفى الجنوب؟!
سيناء شمالا ليس فيها من بؤر خطيرة سوى «بلعا» التى يكاد يغلقها عن باقى سيناء عدد من أكمنة القوات المصرية هى أخطر الكمائن التى تغلق طريق الخروج والدخول!! هذه المساحة الاستراتيجية المجاورة لمناطق تمركز كتائب القسام، وغير «بلعا» فى شمال سيناء ليس هناك سوى بعض الجيوب الصغيرة المحدودة فى بعض مناطق مدينة العريش الكثيفة السكان، ويكاد يكون وسط سيناء نظيفا تماما من وجود هذه الجماعات، لم تقع فيه حادثة واحدة على مدى مايقرب من عام، أما جنوب سيناء حيث توجد قيادة الجيش الثالث فيمثل أرقى صور التعاون بين الأهالى والجيش، يربطهم تعاون وثيق فى منظومة عمل متكامل بجهود قائد الجيش اللواء محمد الدمش الذى نجح فى أن يجعل من الجيش والشعب يدا واحدة فى جنوب سيناء، وباختصار فإن بؤرة الإرهاب تتركز فى مساحة 16 كيلو مترا مربعا من سيناء التى تتجاوز مساحتها 160 ألف كيلو متر مربع.
إذا كانت المشكلة تنحصر فى 16 كيلو مترا مربعا فما الذى يحول دون تمشيطها شبرا شبرا؟!
لا شىء سوى العلاقات المتداخلة بين منطقة «بلعا» وقطاع غزة التى تسمح لهذه العصابات أن تختفى نهاراً، وتظهر ليلا، وكثرة الأنفاق التى تمكن هذه العصابات من الهرب، ومع ذلك تتم عمليات التمشيط على نحو مستمر، ولكن الجميع على يقين من أن مشكلة «بلعا» سوف تجد حلها فى القريب العاجل..، انتهى الحديث وبقى التعليق.