بقلم - مكرم محمد أحمد
نزعت نساء إيران أغطية الرأس فى عدد من الميادين العامة فى تحد واضح لأحد أهم قواعد السلوك الأساسية التى يفرضها نظام الحكم الإيرانى على نساء إيران، ويوم الخميس الماضى فى مناسبة يوم المرأة العالمى احتشد المزيد من قوات الأمن فى شوارع العاصمة طهران لمنع النساء من خلع أردية الرأس لكن آية الله خامنئى القائد الأعلى حث المرأة الإيرانية على الحفاظ على الحجاب الذى يخفى شعرها لأنه يغلق طريق الغواية، ويميز المرأة الإيرانية ويؤكد استقلالها, وربما يكون ذلك عكس الرسالة التى تنشدها المرأة الايرانية، عندما صعدت إحداهن امرأة إيرانية إلى موقع عال فى أحد ميادين طهران ونزعت حجابها وعلقته فى عصا أمسكت بها كى يشهده الجميع، سمت نفسها المرأة الحرة، وبرغم أن معظم المارة توقفوا لالتقاط صور لها، إلا أنهم نصحوها بسرعة النزول والاختفاء قبل أن تأتى الشرطة، وفى الشهور الأخيرة قام العديد من النساء بالتظاهر فى الشوارع وقد خلعن الحجاب، ورغم إلقاء القبض عليهن كُن موضع حفاوة كبيرة فى الشارع الإيرانى خاصة الإصلاحيين والشباب الذين كانوا يلتقطون صور السيدات وقد نزعن الحجاب، والمعروف أن إيران والسعودية هما الدولتان الوحيدتان التى يفرض فيهما القانون ضرورة ارتداء الحجاب وإن كان الأمر قد أصبح شائعاً فى كل دول الشرق الأوسط.
ولأن تظاهرات الاحتجاج على الحجاب فى إيران، تأتى وسط تذمر شعبى واسع عن نقص الحريات الخاصة والعامة وزيادة تكاليف أعباء الحياة، زادت أعداد الشرطة ومواقع التفتيش والمراقبة فى شوارع طهران كما تم القبض على عدد من النساء.
ومنذ أعلن شاه إيران عام 1930 منع الحجاب كجزء من عملية تحديث المجتمع الإيراني, والمرأة الإيرانية تواصل سفورها دون قيود على الملابس و غطاء الرأس, إلى عام 1979 عندما أعلن خامنئى فرض الحجاب فى مارس 1979 بعد الثورة، وتظاهرت آلاف الإيرانيات ضد القانون الجديد، لكن الجميع رضخ لمطالب خامنئى التى لم تقتصر على فرض الحجاب ولكنها منعت النساء من أن تغنى فى العلن وحضور المباريات الرياضية, ألزمتهن الحصول على موافقة الزوج أو الأب للحصول على جواز سفر أو السفر إلى الخارج .ومنذ حكم الرئيس رافسنجابي، تَمكّنت النساء الإيرانيات من إزاحة الحجاب إلى الخلف ليكشف بعض خُصيلات شعرهن خاصة فى العاصمة طهران، ثم جاء الرئيس حسن روحانى الذى ينتمى إلى تيار الإصلاحيين ليطلب نبذ التشدد وإبداء بعض المرونة والسماحة وتخفيف الأوامر الصارمة، ومنذ الشهر الماضى امتنعت الشرطة الإيرانية عن القبض على النساء بدواعى مخالفتها الزى الإسلامي، ونشرت الصحف الإيرانية أن 49.8 % من الإيرانيين يعارضون تدخل الدولة الإيرانية لفرض ارتداء الحجاب على النساء الذى يعتبرونه أمراً يخص المرأة الإيرانية من حقها وحدها أن ترفضه أو ترتديه.
وبسبب إسراف النساء أخيرا فى احتجاجاتهن على ارتداء الحجاب، اتخذ رئيس بوليس طهران الجنرال حسين رحيمى موقفاً أكثر تشدداً، ومنذ نهاية ديسمبر الماضى تم القبض على 35 سيدة لأنهن تظاهرن أو خلعن عن وجوههما الحجاب علناً فى الشارع خاصة فى ظل موجة الاحتجاجات الأخيرة حول غلاء الأسعار والعدوان على الحريات الشخصية والعامة، وتقول ماجدولين مغربى نائب مدير وكالة «أمنيستي» لحقوق الإنسان إنه بسبب هذا التشدد فأن العديد من النساء يواجهن مخاطر دخول السجن، وتواجه نرجس حسينى حكماً بالسجن عامين لأنها احتجت على ارتداء الحجاب وخلعته علناً فى أحد الشوارع، وتقول نساء طهران ردا على ذلك, إن الحكم, الذى صدر ضد نرجس حسينى سوف يؤدى إلى المزيد من الاحتجاجات ورفض الانصياع للقانون. والواضح أن حركة الاحتجاجات بين نساء طهران تزداد إصراراً على المقاومة ورفض كل صور التمييز ضد المرأة عبر أدوات التواصل الاجتماعى والاستمرار فى التظاهر وخلع الحجاب علناً، ولم يعد يقلق المرأة الإيرانية كثيراً أن ترفع صوتها علناً بالاحتجاج ضد محاولات التحرش بها بدعوى الخوف على سمعتها, بما زاد من قوة وفاعلية حركة المرأة الإيرانية.
نقلا عن الاهرام القاهرية