بقلم : مكرم محمد أحمد
ربما يعود الرئيس الأمريكى ترامب من رحلته الآسيوية الأخيرة التى زار فيها خمس دول آسيوية والتقى الرئيسين الصينى والروسى كل على انفراد أكثر تفاؤلاً بمستقبل رئاسته،رغم هبوط شعبيته فى آخر استطلاع للرأى العام الامريكى الى حدود لم تحدث لأى رئيس أمريكى سابق على امتداد سبعة عقود، لأنه يعتقد انه حقق فى رحلته الآسيوية انجازين مهمين، أولهما انه حصل من الرئيس الصينى اكس جنبينج على مساندة قوية لإنهاء البرنامج النووى لكوريا الشمالية،وكبح جماح عدوه اللدود رئيس كوريا الشمالية الذى أهانه أخيراً عندما وصفه بالرجل العجوز .
ورغم أن الصحافة الأمريكية تتهم ترامب بأنه نافق الرئيس الصينى وأضفى عليه صفات الحكمة المطلقة، فإن الرئيس ترامب يرى أن الرئيس الصينى يستحق الإشادة لأنه يستطيع انجاز ما وعد، وهو الأقدر على ممارسة الضغوط على كوريا الشمالية، وهذا فى حد ذاته إنجاز مهم يرى الرئيس ترامب أن الكثيرين من أمريكا لم يدركوا بعد أهميته...، والواضح أن الرئيس ترامب أصبح بعد لقائه الرئيس الصينى أقل عصبية وتشدداً فى حديثه عن الرئيس الكورى الشمالى الذى وصفه بالرجل العجوز، وكان رد ترامب لقد كان بوسعى أن أصفه بالقصير السمين ومع ذلك فاننى لا أستبعد أن نكون يوماً أصدقاء رغم أن ذلك يبدو اليوم أمراً صعباً !
أما السبب الثانى لتفاؤل الرئيس ترامب فيتعلق بالنتائج التى يعتقد أنها تحققت فى لقائه مع الرئيس الروسى بوتين خلال حديث جرى فى حفل عشاء فى فيتنام حيث يعتقد ترامب انه أزال كل الشكوك التى أثارتها أجهزة المخابرات والمعلومات الأمريكية حول تدخل الكرملين فى انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2016 لمصالحة المرشح الجمهورى ترامب، بينما تعتقد هذه الأجهزة أن الرئيس الروسى نجح فى الضحك على الرئيس ترامب وخداعه لأن ترامب كان راغباً فى ذلك...، وتخلص القصة كما رواها ترامب للصحفيين الأمريكيين الذين رافقوه على متن طائرته فى الرحلة الآسيوية فى انه سأل بوتين ثلاث مرات ان كان بالفعل قد أدار معركة تدخل أجهزة المخابرات الروسية فى انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2016 لمصلحة المرشح الجمهورى ترامب، وكان رد بوتين اننى لا يمكن أن أفعل ذلك وأكد ترامب أنه يصدق بوتين وان الاثنين أصبحا فى أحسن حال، وأن الرئيس الروسى شخص أمين يمكن الوثوق به، وأن الاثنين توافقا دون صعوبات كبيرة على ضرورة الإجهاز على داعش بصورة كاملة، وإحراز تقدم فى مفاوضات جنيف التى تجرى بين الحكم والمعارضة السورية لإنهاء الحرب الأهلية السورية .
وفى تغريداته على تويتر تساءل ترامب، متى يدرك الحاقدون والأغبياء أن العلاقة الجيدة مع روسيا أمر جيد وليست أمراً سيئاً..، ويبدو أن تغريدة ترامب التى استهدفت أجهزة المخابرات والمعلومات الأمريكية التى تقطع بأن الروس متورطون حتى أعناقهم فى التدخل فى انتخابات الرئاسة الأمريكية ويملكون أدلة قاطعة على ذلك، أثارت من جديد خلافات ترامب القديمة مع هذه الأجهزة خاصة جون برنان الرئيس السابق للمخابرات المركزية الأمريكية وجيمس كلايبر المدير السابق للأمن الوطنى اللذين توافقا على ان الرئيس الروسى بوتين نجح فى احتواء الرئيس الامريكى واللعب به فى قضية تدخل الروس فى انتخابات الرئاسة الأمريكية، وان ترامب الذى يعرف كل الحقائق والوقائع لم يرد على الرئيس الروسى ولم يقل للرئيس بوتين إن لدى الأجهزة الأمريكية ما يؤكد عكس ذلك، وإنهم تجسسوا على البريد الالكترونى لهيلارى كلينتون المرشحة الديمقراطية المنافسة لترامب، واخترقوا البريد الالكترونى للحزب الديمقراطى فضلاً عن أن جارد كوشنير صهر ترامب متورط بأدلة واضحة تثبت ضلوعه فى هذه الاتصالات مع الروس خلال حملة صهره ترامب، وما زاد الطين بلة أن الرئيس ترامب وصف هذه الأجهزة بالغباء والتآمر، وزاد على ذلك فى تغريدة أخيرة قال فيها، إنه لأمر مخجل أن يحاول البعض تدمير إمكانية التعاون بين روسيا وأمريكا ! بينما أصر الرئيس الروسى فى مؤتمره الصحفى على أنه لا يعرف مطلقاً اى شىء عن اتصالات روسية مع القائمين على الحملة الانتخابية للمرشح الجمهورى ترامب، الذى وصفه بوتين أخيراً، بأنه رئيس محترف شديد الود يتصرف بلياقة عالية ويتمنى ان تتوافر لهما الفرصة كى يعرفا بعضهما بصورة أشمل ويرجح معظم المحللين الأمريكيين انه رغم مساحة الاتفاق الواسعة بين ترامب وبوتين اثر محادثاتهما الأخيرة لا تزال العلاقات الأمريكية الروسية رهينة التحقيقات التى تجرى فى واشنطن خاصة بعد ان طالت بعضاً من أفراد عائلة الرئيس الامريكى ترامب، ولا يزال من الصعوبة بمكان ترجمة تفاؤل الرئيسين بوتين و ترامب إلى تعاون حقيقى بين الأمريكيين والروس .