بقلم : مكرم محمد أحمد
قبل يومين وفى إحدى المرات النادرة إن لم تكن المرة الوحيدة، استوقفت قوات حماس على حدود مصر مع قطاع غزة فى منطقة رفح داعشيا يرتدى حزاماً ناسفاً يحاول مع زميل له عبور الحدود إلى مصر ، رفض الانتحارى الامتثال للتفتيش وفجر نفسه ليتمزق إرباً وُيصاب زميله بجراح بالغة مع بعض جنود حماس فى الموقع ، ليصبح الحادث محل تساؤلات عديدة فى قطاع غزة ، لماذا استوقفت حماس هذه المرة أحد الإرهابيين الذين اعتادوا أن يرتكبوا جرائمهم فى سيناء ثم يلوذون بالفرار إلى قطاع غزة ، لا أحد يستوقفهم للتفتيش أو السؤال!
كان أول من ألقى السؤال مستنكراً جماعة من تنظيم الجهاد فى القطاع تحمل اسم «ابن تيمية»، الفقيه الذى تعتبره جماعات المتطرفين إمامهم الأكبر، أصدرت بياناً غاضباً لأن حماس تسببت فى قتل (واحد منا) ومنعته من أداء واجبه!.. ، تُرى ما الذى غير موقف حماس من دواعش سيناء الذين اعتادوا أن يجدوا فى قطاع غزة ملاذاً آمناً بعد ارتكاب جرائمهم؟! وهل حدث هذا التغيير فى موقف حماس بعد اتفاقها الأمنى الأخير مع مصر الذى ساعد القيادى الفلسطينى «محمد دحلان» على إبرامه أملا فى أن تنتظم مصر فى فتح معابرها أمام سكان القطاع؟! أم أن حماس تعتبر التغيير مجرد موقف تكتيكى موقوت لأن داعشى سيناء على حد تعبير جماعة «إبن تيمية» (جزء منا)؟!
أخشى أن يكون الأمر مجرد موقف تكتيكى وإجراء موقوت، لأن الجميع يعرف أنه بدون مساندة حماس التى تعطى هذه الجماعات ملاذاً آمناً لكان قد تم القضاء على داعش منذ زمن بعيد، لأن داعش بعد انحسارها عن معظم أراضى سيناء تعمل الآن فى مساحة لا تزيد على مائة كيلو متر مربع تفتح على منطقة غرود رملية داخل القطاع تتخذها كتائب القسام الجناح العسكرى لحماس مقرا, وما من جريمة ترتكبها داعش فى سيناء إلا أن يكون وراءها تواطؤ حماس التى تعطى لهؤلاء المجرمين ملاذاً أمناً..، ولا اعتراض المرة على محاولات الأمن المصرى ترويض حماس وحفزها على أن تغادر موقفها المتواطئ مع داعش، وتدرك حجمها الحقيقى وانعدام قدرتها على تغيير أوضاع مصر وسياساتها، وتفهم أنها لن تستطيع أبداً أن تبنى علاقات بناءة مع مصر إن ظلت على دين جماعة الإخوان التكفيرية والإرهابية, ترفض المصالحة الفلسطينية وتصر على العزل الجغرافى والسياسى لقطاع غزة عن الضفة الغربية, وتقدم لإسرائيل طوعاً كل مسوغات التهرب من السلام!
والحق أن حماس لم تكن أبداً صادقة مع مصر، وفى كل مفاوضاتها مع القاهرة سواء فى قضية المصالحة مع فتح تحقيقاً لوحدة الصف الفلسطينى أو فى المباحثات الأمنية حول حدود مصر مع قطاع غزة ، كانت حماس تعطيك من طرف اللسان حلاوة وتروغ منك كما يروغ الثعلب! ، ومع ذلك مدت مصر حبال الصبر طويلة مع حماس رغم شبكة علاقاتها الفاسدة مع قطر وتعاونهما المشترك لضرب أمن مصر, ورغم تواطئها مع إيران الذى يضرب الأمن العربى فى الصميم، ورغم أنها لاتزال جزءاً من جماعة الإخوان يربطهما معاً رؤية عقائدية وسياسية واحدة, وإن كانت حماس تدعى عكس ذلك عملاً بالتقية التى تبرر لها سياسة ذات وجهين ظاهرها غير باطنها..، ومع احترامى لجهود ووساطة محمد دحلان الذى يعرف ظاهر حماس وباطنها جيداً، فإن علينا أن نعامل حماس بالقطاعى ووفقاً لمبدأ (الجزاء من جنس العمل) إن أحسنت أحسنا وإن أساءت أسأنا, لأن مصر لن تنسى بسهولة حجم الضرر البالغ الذى أحدثته حماس لأمنها الوطنى!.