بقلم : مكرم محمد أحمد
يتحرك رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو الآن على أكثر من محور لإفشال محاولة رئيس الولايات المتحدة ترامب الوصول إلى تسوية سلمية للصراع الفلسطينى - الإسرائيلى عبر التفاوض المشترك، تقوم على حل الدولتين إذا توافق الطرفان على قبوله، وإطفاء حماس الرئيس الأمريكى لعقد صفقة التاريخ أو العصر كما يسميها وإشعاره أن الأمر أكثر صعوبة مما يتصور، وربما يكون متعذراً أو مستحيلاً، وليس كما يرى الرئيس الأمريكى الذى يعتقد بعدم وجود سبب حقيقى يمنع قيام علاقات سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، ويرى أنه وحده المؤهل لإنجاز هذه المهمة التاريخية التى فشل فى تحقيقها كل الرؤساء الأمريكيين السابقين !
ومنذ اللحظة الأولى فى لقائهما يوم 22 مايو الماضى لم يدخر رئيس الوزراء الإسرائيلى جهداً كى يشوه صورة رئيس السلطة الوطنية محمود عباس بدعوى أنه يضمر الشر لإسرائيل ويرتب لاستخدام العنف ضدها رغم تصريحاته العلنية التى يستبعد فيها أى حل عسكرى، وأظن أنه لم يعد سراً أن نيتانياهو سلم فى هذا اليوم للرئيس ترامب شريط فيديو يوحى بأن محمود عباس صاحب وجهين يصعب الوثوق به! وكما تؤكد صحيفة واشنطن بوست فإن نيتانياهو اعتاد استخدام هذا الأسلوب مع كبار المسئولين الأمريكيين فى مراحل التفاوض السابقة، لكنه يستخدمه لأول مرة مع الرئيس ترامب لإشعاره أن المشكلة تكمن فى أن الطرف الفلسطينى هو العقبة الكؤود أمام الحل السلمى، وأنه يقامر على اسمه واسم صهره جارد كاشينور بإقحامه فى عمق غابة مظلمة شديدة التشابك والتعقيد، وأن المسائل على الورق تبدو سهلة وواضحة، لكنها على أرض الواقع تبدو جد مختلفة، لا يكفى لحلها أن تكون إدارة الرئيس ترامب صديقاً جيداً لإسرائيل كى يقبل الإسرائيليون مشروعاً شبه مستحيل يمكن أن يضرب اسرائيل فى مقتل !
وعقب جولة الاستطلاع الأولى التى قام بها المبعوث الأمريكى جارد كاشينور صهر الرئيس ترامب وزميله جاسون جرينبلات إلى كل من تل أبيب ورام الله وأعقبها تصريحات جد متفائلة صدرت عن البيت الأبيض، طلب ترامب من رئيس الوزراء الإسرائيلى بعض الخطوات التى تساعد على بناء علاقات ثقة متبادلة مع الفلسطينيين، لكن نيتانياهو سارع بتقديم طلبات مضادة، والأخطر استمرار عملية بناء المستوطنات فى عمق الضفة الغربية
ورغم أن الرئيس ترامب طلب علانية من رئيس الوزراء الإسرائيلى إبطاء عملية الاستيطان خلال فترة التفاوض دلالة على حسن النيات سارع رئيس الوزراء الإسرائيلى إلى الإعلان عن خطة ضخمة لبناء وتوسيع المستوطنات داخل الضفة، سواء على أرض الدولة أو على حساب أراضى الأسر الفلسطينية، بما يؤكد لكل العيان أن نيتانياهو يكابر ويعاند ويضع المزيد من العصى فى العجلات كى تفشل مبادرة الرئيس ترامب قبل أن تبدأ !