بقلم : مكرم محمد أحمد
انجزت مصر خطوة مهمة وأساسية علي طريق توحيد جهود كل قوي المجتمع الليبي من اجل انجاز مصالحة وطنية واسعة تنهي عزلة شرق ليبيا عن غربها وتصحح مواقف المؤسسات الليبية، المجلس الرئاسي والحكومة الانتقالية والبرلمان المنتخب وقوات الجيش الليبي، بما يضمن حسن تعاونها وتكامل أدوارها، وينهي حالة التشرذم الجهوي والقبلي التي مكنت الميليشيات المسلحة من السيطرة علي عدد من المدن اللليبية وتمزيق وحدة الدولة والشعب الليبي!.
أتاحت مصر الفرصة للقاء 42شخصية عامة ليبية تم انتقاؤهم بعناية فائقة، يمثلون خلاصة الشعب الليبي بكل جهاته وقبائله واطيافه وقواه السياسية بما في ذلك تنوعاته العرقية من الامازيج إلي الطوارق إلي الابتو، تحت رعاية الفريق محمود حجازي رئيس اركان القوات المسلحة باعتباره رئيسا للجنة ليبيا ووزير الخارجية سامح شكري، اجتمعوا في القاهرة بعيدا عن اضواء الإعلام لمناقشة صريحة تبحث اسباب الاخفاق في تطبيق وثيقة اتفاق الصخيرات التي رسمت الخطوط العريضة لخريطة المصالحة الوطنية الليبية ونقائص هذه الوثيقة وثغراتها والخطوات المطلوبة لاستكمالها،ولم يكن لمصر دور في هذه الحوارات سوي تنظيم اللقاء وتهيئة مناخ نجاحه بحثا عن العناصر المشتركة التي يمكن ان تحقق توافق هذه القوي علي وثيقة جديدة تستكمل اتفاق الصخيرات وتغطي ثغراته.
عبرت الوثيقة الجديدة عن الثوابت الاساسية التي تضمن وحدة الدولة والشعب الليبي التي ينبغي أن تلتزم بها كل الاطراف الليبية، وخاطبت بوضوح أهمية تنظيم المؤسسة العسكرية الليبية بما يضمن لقيادتها العليا السيطرة الكاملة في اطار دولة مدنية يحكمها الدستور والقانون، وشملت كل الضمانات لإنهاء أزمة الثقة بين البرلمان المنتخب والمجلس الرئاسي والحكومة الانتقالية وتحقيق الاعتراف المتبادل بينها، وتنظيم العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية علي اسس واضحة، كما عنيت الوثيقة بأهمية تعزيز الدور الوحدوي للحكومة الانتقالية التي تقيم في طرابلس، وتفعيل قدراتها المعطلة بما يمكنها من توحيد شرق ليبيا وغربها وإعادة توزيع المسئوليات علي نحو يقضي علي مشاعر التهميش التي تسيطر علي شرق ليبيا وجنوبها. وما من شك أن إخراج هذه المبادئ إلي حيز التطبيق سوف يستغرق جهدا اضافيا يتطلب تعاون البرلمان الليبي وكتله المختلفة بحيث تصبح الآلية الاساسية لتطبيق مبادئ الوثيقة، فضلا عن عدد من اللقاءات المشتركة مع عدد من رؤساء المؤسسات الليبية، وربما يدخل ضمن هذه الجهود دعوة دول الجوار الجغرافي (تونس والجزائروالمغرب) لمساندة الاتفاق وتعزيزه.