بقلم - مكرم محمد أحمد
25 عاما مرت على تأسيس العلاقات بين الهند وإسرائيل، ارتقت خلالها العلاقات بين البلدين من الحضيض لتصل الآن إلى ذراها فى زيارة تاريخية بالفعل يقوم بها رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو، يرافقه فيها وفد ضخم من رجال الأعمال بينهم مدير لأهم شركات التصنيع العسكرى فى تصنيع السلاح وأجهزة الاتصال، وسوف يرافق رئيس الوزراء الهندى نريندا مورى نيتانياهو فى معظم أجزاء الزيارة التى يزور فيها نيتانياهو دلهى وبومباى وجوجارت مسقط رئيس الوزراء الهندى مـورى الذى كتـب بالعبـرية على حسابه فى تويتر.. أهلاً بك يا صديقى نيتانياهو رئيس حكومة إسرائيل، زيارتك إلى الهند تاريخية ومميزة وسوف تعزز علاقات بلدينا الوثيقة.. وسوف يوقع الاثنان 9 اتفاقيات مهمة فى مجالات الاقتصاد والأمن والبحث العلمى والتصنيع العسكرى بهدف تحقيق قفزة نوعية فى العلاقات التجارية والأمنية والعسكرية ومجالات البترول والبحث العلمى والتطوير الصناعى والطيران .
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلى «إن الزيارة فرصة لتوثيق علاقات الصداقة والتعاون مع قوة عالمية عظمى فى مجالات حيوية عديدة» كما عقد رئيس مجلس الأمن القومى الإسرائيلى مائير شبان اجتماعاً مع نظيره الهندى أجت دوبل مستشار الأمن القومى الهندى، وحسب مصادر إسرائيلية لقد بحث الاثنان الصفقات الأمنية المطروحة على جدول أعمال المباحثات دون تحديد، وطبقاً لتقارير إعلامية هندية فإن الهند تريد مراجعة شاملة لصفقة صواريخ إسرائيلية مضادة للدروع (سبايك) قيمتها نصف مليار دولار اكتفاء بإنتاجها المحلى الصنع الذى ثبت تفوقه، بينما تحاول إسرائيل الإبقاء على الصفقة بأى ثمن، لكن بنيامين نيتانياهو يؤكد أنه رغم الخلاف على صفقة (سبايك) فإن علاقات البلدين الأمنية مهمة جداً، وتشمل أموراً كثيرة وتتسع يوماً وراء يوم كما أنها تنطوى على تعاون فى تبادل معلومات استخباراتية يتشارك فيها البلدان. ورغم المستوى الرفيع الذى وصلت إليه علاقات البلدين التى بدأت من نقطة الصفر قبل 25 عاماً، صوتت الهند فى الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى جانب القرار الذى يدين قرار الرئيس الأمريكى ترامب بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، رغم أن إسرائيل كانت تأمل فى أن تغيب الهند عن الحضور أو تمتنع عن التصويت.
لكن ما من شك أن العلاقات الإسرائيلية الهندية قد حققت تقدماً ضخماً على حساب العلاقات الهندية العربية التى فقدت الكثير من زخمها وقوتها، ويعتبر رئيس الوزراء الإسرائيلى أن زيارته الراهنة للهند ذات أهمية أمنية قصوى فى ظل علاقاته الوثيقة مع مورى رئيس وزراء الهند ورؤية نيتانياهو لمستقبل الهند التى يعتبرها قوة عظمى نووية وصناعية، حققت خلال السنوات العشرين تقدماً هائلاً فى صناعة الصلب والمحطات النووية وقطارات السكك الحديدية والسيارات إضافة إلى أنها بلغت مرتبة عالية فى صناعة البرمجيات والإلكترونات، وأن على إسرائيل أن ترسخ مكانتها كشريك إستراتيجى للهند، وفى المؤتمر الصحفى المشترك رفض نيتانياهو تقديم ردود تفصيلية على الأسئلة المتعلقة بالتعاون الأمنى مع الهند قائلاً، لن أتحدث تفصيلاً عن الموضوع لحساسيته البالغة. وربما كان أهم الاتفاقيات التسع التى وقعها الجانبان، اتفاقيات بحوث الفضاء والتطوير الصناعى المشترك والإنتاج السينمائى المشترك رغم أن المشاهدين العرب هم أكبر جمهور مستهلك للسينما الهندية خارج الهند، وتدشين صندوق مشترك للبحث العلمى إضافة إلى اتفاقية للطيران، قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إنها سوف تحدث تغييراً كبيراً للغاية مع بدء القيام برحلات مباشرة بين إسرائيل والهند تختصر زمن الرحلة وتكاليف الوقود بالعبور فوق أجواء السعودية. وما يهمنا فى قضية العلاقات الإسرائيلية الهندية أمران، أولهما قرون استشعار إسرائيل القوية التى جعلتها تدرك منذ 25 عاماً الأهمية المتزايدة للهند كقوة عالمية واقتصادية بازغة سوف تكون دون شك جزءاً من عالم جديد متعدد الأقطاب والزخم الضخم الذى أعطته لترسيخ علاقاتها مع الهند لتصل إلى هذا المستوى الرفيع. وثانيهما أن العلاقات الهندية العربية التى تميزت بتعاون إستراتيجى ضخم بين مصر والهند وصل خلال الستينيات إلى حد التصنيع المشترك للطائرات المقاتلة والتعاون النووى ــ فقدت الكثير من زخمها بسبب التمزق العربى، وانكفاء مصر على مشكلاتها الداخلية، وغياب قرون استشعار قوية تنبئ عن منحى التطور القادم فى العالم رغم تصاعد الأهمية الإستراتيجية للهند، وقد كان الاثنان مصر والهند قطبى التوازن خلال فترة الحرب الباردة..، وأظن أنه لا يزال هناك ميراث مشترك بين البلدين يمكن البناء عليه ليس منافسة لإسرائيل ولكن لأنها الهند .
نقلا عن الاهرام القاهريه