بقلم - مكرم محمد أحمد
رغم العديد من الاجتماعات بين ممثلى البيت الأبيض وعلى رأسهم نائب الرئيس بنس وقيادات الكونجرس الأمريكى، لا تزال مشكلة إغلاق الحكومة الفيدرالية التى تدخل أسبوعها الثالث بغير حل، ولا يزال الرئيس الأمريكى ترامب يُصر على رفض أى قرار يصدر عن الكونجرس لا يتضمن اعتماد مبلغ خمسة مليارات دولار من أجل بناء جدار عازل حول المكسيك يمنع دخول الإرهابيين وتُجار المخدرات وعتاة المجرمين إلى الولايات المتحدة، ولم تفلح جهود الوساطة فى الوصول إلى حل وسط ينهى أزمة إغلاق العديد من وكالات الحكومة الفيدرالية التى تواجه ما يقرب من مليون من محدودى الدخل مهددين بعدم صرف أجورهم ووقف تمويل معونات الغذاء التى تصل إلى ما يقرب من 38 مليون مواطن أمريكى هم الأقل دخلا فى الولايات المتحدة، وتزداد المشكلة حدة لأن أحدا لا يعرف بعد متى ينتهى إغلاق الحكومة الفيدرالية؟!، وهل ثمة فرصة لتوافق محتمل بين الكونجرس، خاصة مجلس النواب الذى تُسيطر عليه الآن أغلبية ديمقراطية والبيت الأبيض بعد أن ركب العناد رؤوس الطرفين، كل منهما يُصر على رأيه حتى لو استمر إغلاق الحكومة الفيدرالية دون نهاية، وبرغم تهديدات الرئيس ترامب بأنه يمكن أن يعلن حالة الطوارئ ويبنى الجدار العازل على مسئوليته لا تزال أغلبية مجلس النواب وبفارق كبير فى عدد الأصوات ترفض بناء الجدار العازل الذى تعتبره السيدة نانسى بلوسى رئيسة مجلس النواب عملا غير أخلاقى، ويُشكل الديمقراطيون أغلبية كبيرة فى مجلس النواب، جميعهم يعارض أفكار الرئيس ترامب ويتشكك فى حدة نواياه وقراراته ويحرص على مساءلته حول ذمته المالية وكل كبيرة وصغيرة فى شئون إدارته كما يضم مجلس النواب 10 سيدات أمريكيات بينهن اثنتان من المسلمين، وكان مجلس النواب قد وافق بأغلبية 241 صوتا ضد 192 صوتا معارضا على قرار ينهى إغلاق الحكومة الفيدرالية دون اعتماد مبلغ الخمسة مليارات دولار التى يُريد الرئيس ترامب تخصيصها لجدار المكسيك، لكن البيت الأبيض هدد باستخدام الفيتو، وقال بيان للبيت الأبيض إنه لا يستطيع أن يقبل تشريعاً يمول بعض المشروعات غير المهمة والصغيرة ويهمل قضية أمن الحدود، بينما هرع الرئيس ترامب إلى غرفة الصحفيين يُندد بقرار مجلس النواب، مؤكدا أنه دون الجدار لن يكون هُناك تسوية أو حل حتى لو استمر إغلاق الحكومة الفيدرالية شهورا وسنوات، لكن يبدو أن المسئولين فى البيت لم يقدروا حجم الآثار السلبية الواسعة لنتائج الغلق على فئات واسعة فى المجتمع الأمريكى مهددة بعدم دفع أجورها ورواتبها، وثمة ما يؤكد أن شعبية الرئيس ترامب قد هبطت إلى 37%، لكن الرئيس ترامب يُصر على أنه يخطئ بمساندة واسعة من ناخبيه، وبرغم أن عددا من أعضاء مجلس الشيوخ الذى تنتمى أغلبيته للجمهوريين حاول الوصول إلى حل وسط يساعد على إنهاء إغلاق وكالات الحكومة الفيدرالية على أن يبدأ تفاوض الطرفين حول الجدار العازل بعد إنهاء إغلاق الحكومة الفيدرالية، يُصر الرئيس الأمريكى على ضرورة أن تشمل أى تسوية اعتماد المليارات الخمسة المخصصة للجدار العازل أولاً، إلى حد جعل قضية الجدار تمثل نوعاً من الاستفتاء على رئاسة ترامب، رغم أن الرئيس الأمريكى ترامب فى بداية حملته الانتخابية أكد أن المكسيك سوف تدفع تكاليف بناء الجدار غير أنه عاد وطلب من الكونجرس اعتماد خمسة مليارات دولار لبناء الجدار على نفقة الحكومة الأمريكية، ويهدد الرئيس الأمريكى الآن بإعلان حالة الطوارئ وبناء الجدار ضمن موازنة الدفاع الأمريكى، وهو أمر ربما لا يحظى بمساندة الجمهوريين قبل الديمقراطيين، والواضح الآن أن عدداً غير قليل من الجمهوريين يعتقد أن الوصول إلى حل وسط ينهى إغلاق الحكومة الفيدرالية فورا، ويتيح فرصة استمرار التفاوض حول الجدار ربما يكون الحل الأمثل، خاصة أن هناك خلافات فنية عديدة حول طريقة بنائه، وهل يكون مجرد جدار أسمنتى عازل أم جدار من ألواح الصلب، لكن ما يُثير الدهشة أن الحياة الأمريكية تكاد تكون متوقفة انتظارا لمسألة الجدار.