بقلم مكرم محمد أحمد
يستحق الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء الاسبق نوعا من رد الاعتبار بعد ان أبرأ القضاء ساحته فى قضيتين كبيرتين،
أولاهما تتعلق بمناقصة اللوحات المعدنية الجديدة للسيارات التى لم يكن له فيها ناقة او جمل! والاخرى تتعلق بالكسب غير المشروع، يعرف العارفون انهما - فى الاغلب - قضيتان سياسيتان قصد بهما ادانة نظام الحكم السابق لصالح شرعية جديدة، تستوجب محاكمة رؤساء النظام بهدف تثبيت شرعية النظام الجديد!، لكن شموخ القضاء المصرى واستقلاله الذى يتحقق على أكمل صورة فى مرحلة النقض أسقط كل اعتبارات السياسة، ونظرت محكمة النقض القضيتين بتجرد كامل فى ضوء الوقائع والاوراق وأدلة الادانة لتنتهى إلى براءة الدكتور احمد نظيف.
عرفت الدكتور احمد نظيف عن قرب خلال فترة رئاسته للوزارة، وما أزال اعتقد انه واحد من اشرف رجال الدولة المصرية واكثرهم كفاءة ونزاهة وإيمانا بالعلم، وفى عهده جاوزت معدلات التنمية المصرية لاول مرة 7%، لكن ثمار التنمية لم تتوزع بعدالة على كل فئات المجتمع لقصور الرؤية السياسية عن ادراك خطورة البعد الاجتماعى لقضية التنمية!، وربما يكون خطأ الدكتور نظيف الوحيد أنه أخذ بتقرير وزير الصحة فى ازمة انفلونزا الخنازير التى ترتب عليها إعدام الخنازير فى حظائر الزبالين وانهيار منظومة النظافة القديمة دون ان يكون هناك بديل صحيح!.
لقيت د. نظيف قبل يومين فى بيته، ورغم فترة سجنه غير القصيرة كان متماسكا متفائلا لايعانى المرارة او الاسى، يتطلع لاستئناف حياته الجديدة استاذا للاتصالات فى الجامعة، لايتوارى عن الناس وانما يتسوق بنفسه حاجات منزله، يتحدث فى الشأن العام دون وجل ويقول رأيه واضحا فى مجريات الامور، ومع انه عاش فترة محبسه كالميت الحى ينظر للعالم من خلال شباك زنزانته ويعيد اكتشافه على نحو اكثر شفافية، لان رفقة السجن تعطى فرصة فهم معادن الناس على نحو صحيح، كما تعطى للانسان فرصة ان يتجرد من هوى الذات ليرى الامور على حقيقتها دون زخرف وربما للمرة الاولى!.
ومن وجهة نظر د.احمد نظيف فان مصر تسير على الطريق الصحيح، وربما يكون كل ما تحتاجه مصر الان،أن تزاوج بين المشروعات القومية الكبرى التى تعيد بناء هيكل التنمية المصرية والمشروعات المتوسطة والصغيرة التى تشكل مصدر الرزق لاكثر من 70% من قوة العمل المصرية والمشروعات كثيفة العمالة، كى تنجح التنمية فى توليد مليون فرصة عمل كل عام تحتاجها مصر للقضاء على مشكلة البطالة.