بقلم مكرم محمد أحمد
لا نعرف بعد ان كانت التغييرات المفاجئة التى طرأت أخيرا على سياسات الرئيس التركى رجب الطيب اردوغان، والزمته ضرورة تقديم اعتذار علنى ومباشر للرئيس الروسى بوتين والرضوخ لجميع مطالبه أملا فى تطبيع العلاقات مع روسيا!، كما الزمته النزول من الشجرة العالية التى صعدها فى خلافاته مع إسرائيل حول حصار غزة واستئناف العلاقات الدبلوماسية معها فى صفقة كاشفة، قبل اردوغان بموجبها الامتناع عن المطالبة برفع الحصارعن قطاع غزة، وتسليم اية مساعدات تريد تركيا توصيلها للقطاع إلى الاسرائيليين فى ميناء اشدود!، الامر الذى كشف ابعاد القدرة المحدودة للرئيس التركى اردوغان على ان يكون لاعبا فاعلا فى الشرق الاوسط، كما كشف للفلسطينيين ضعف قدرته فى مواجهة صلف إسرائيل وتراجعه إلى حجمه الحقيقي، بل لعل الفلسطينيين أدركوا ان القصة باكملها لم تكن سوى مجرد مسرحية فاشلة!.
لكن الواضح من عمق أزمة الرئيس التركى الذى دخل فى صراعات حادة مع كل جيرانه، ابتداء من سوريا التى يوشك على الدخول طرفا مباشرا فى حربها الاهلية رغم معارضة شعبه!،إلى الاكراد الذين يشكلون 15%من الشعب التركى بعد ان استأنف حربه ضد حزب العمال الكردستانى وأنهى مرحلة تفاوض وسلام استمرت عامين، لتدخل تركيا من جديد فى حرب قاسية مع مقاتلين أشداء يخترقون كل شبر من أراضيها، ويوقعون بها أضرارا أمنية جسيمة فى تفجيرات انقرة واستانبول، فضلا عن مشاكله القديمة مع جارته ارمينيا ومشاكله الجديدة مع داعش التى كانت اكبر حلفائه واضطر لقتالها أخيرا تحت ضغوط الغرب، ونجحت داعش فى عقابه على نحو قاس فى تفجيرات مطار استانبول الاخيرة!..،وفضلا عن ذلك يسعى اردوغان إلى عقد مصالحة مع مصرلاتزال تتعثر،إلا ان يوقف تعاونه مع جماعة الاخوان المسلمين والتنظيم الدولي، ويمتنع عن تحويل تركيا إلى ملاذ آمن لهذه الجماعات، ويتوقف عن تقديم كافة صور الدعم المادى والاعلامى لها.
لكن مشكلة سياسات اردوغان انها تسعى إلى مهادنة الخارج والوصول إلى صفر مشاكل مع جيرانه،بينما تتشدد فى الداخل حيث يصر اردوغان على اعادة بناء ميدان تقسيم رغما عن ثورة الشباب، وكتابة دستور جيد للبلاد يعطيه سلطات شبه مطلقة، كما لايزال يمارس سياسة تكميم الافواه سواء بالنسبة للصحافة او هيئات تدريس الجماعات، وربما لهذه الاسباب، لايزال الغرب والامريكيون يتشككون فى صدق نواياه ويترددون فى تقديم الدعم العلنى له.