مكرم محمد أحمد
لعل كتاب سد النهضة الذى أصدره اخيرا د. محمد نصر الدين علام وزير الرى الاسبق يمثل أخطر وثيقة مصرية،
كشفت بصراحة كواليس المفاوضات المصرية الاثيوبية السودانية، واذاعت فحوى تقرير لجنة الخبراء الدوليين الذى كشف النقص الفادح والخطير فى الدراسات المتعلقة بسد النهضة، اعتبرالكتاب الوثيقة السد الاثيوبى جزءا من مؤامرة متشابكة بدأت فى نهاية السبعينيات من القرن الماضى مع بدء مشروع مبادرة حوض النيل، استهدفت الغاء حصة مصرالمائية وإبطال فاعلية سدها العالي، وتقزيم رصيدها السياسي، وعزلها عن ظهيرها الافريقي، واعادة توزيع موازين القوى فى شرق إفريقيا بما يمكن اثيوبيا من ان تكون الطرف الفاعل فى القرن الافريقى، لان القصة من بدايتها كانت قصة خداع وتضليل،استدرجت إليها مصرعندما قبلت التفاوض حول انشاء اتفاقية إطارية لتعاون دول حوض النيل دون ان تشترط ابتداء، ضرورة توثيق حقوق مصر التاريخية والالتزامات التعاقدية بين دول الحوض التى كفلت لمصر حصتها المائية، ويحمل الكتاب المفاوض المصرى فى هذه الفترة (د. محمود أبوزيد)جانبا مهما من المسئولية، لانه قبل التنازل عن كل ما يتعلق بالحقوق التاريخية لمصر والاستخدامات المائية المقررة لها، اكتفاء بعبارة غامضة تتحدث عن الامن المائى لدول الحوض صكها خبراء البنك الدولي،تسمح بإعادة النظر فى الحصص المائية لدول الحوض؟.
وما يؤكد سوء نيات الاثيوبيين وتآمرهم، ان اثيوبيا اختارت عمدا البدء فى إجراءات انشاء السد مع بداية أحداث ثورة يناير 2011 وتداعياتها الدامية التى شغلت البلاد، إلى حد ان الاعلان الرسمى عن السد وتوقيع عقد بنائه مع شركة سالينى الايطالية، وقيام رئيس الوزراء الاثيوبى مليس زيناوى بوضع حجر الاساس، وإعلانه تعديل أبعاد السد وزيادة ارتفاعه إلى 145مترا ورفع سعته التخزينية إلى 74مليار متر مكعب، كل هذه الاحداث تمت فى غضون ايام متتابعة سريعة، لان الهاجس الوحيد الذى سيطر على الحكومة الاثيوبية هو انتهاز فرصة انشغال المصريين بالثورة لفرض سد النهضة كأمر واقع على مصر والمصريين.
نقلاً عن "الأهرام"