مكرم محمد أحمد
لن يفك الرئيس الروسي بوتين قبضته عن القرم أهم مرابض اسطوله البحري،وربما يجد نفسه مضطرا إلي ان يستولي علي شريط من الارض الاوكرانية ليزيد من احكام قبضته علي شبه الجزيرة التي تفتقد إلي الاتصال الارضي مع روسيا،ان فكرت حكومة كييف في قطع أمدادات الكهرباء والمياه عن القرم..
وفي الاغلب سوف يهرع اوباما إلي أخضاع روسيا لسلسلة من العقوبات، لكنه لن يستطيع ان يعاقب الروس كما عاقب طهران إلي حد يحدث ضررا بالغا بمصالح روسيا الاقتصادية، ويلزمها التراجع عن مواقفها علي نحو يجرح كرامة الروس،لان بوتين لن يتراجع حفاظا علي جوهر فلسفته في الحكم التي تستهدف اعادة الاعتبار للدور الروسي!..، وفي الاغلب سوف يلجأ بوتين هو الاخر إلي فرض عقوبات مضادة تضر بمصالح امريكا والاتحاد الاوربي الذي يعتمد في اكثر من ثلث احتياجاته من الطاقة علي الغاز والبترول الروسي،لكن بوتين لن يغلق أبدا باب التفاوض!.
وإذا كانت المستشارة الالمانية مريكل اكثر الاطراف الغربية قدرة علي التأثير في الموقف الروسي، قد فشلت في اقناع بوتين بوقف استفتاء سكان القرم علي حقهم في تقرير المصير، كما فشلت في اقناعه بالغاء الاستفتاء الثاني الذي يتعلق بحقهم في تشكيل اتحاد فدرالي مع روسيا، فسوف يلجأ الرئيس الامريكي أوباما في الاغلب إلي فرض مجموعة من العقوبات المختارة بعناية، تجمد اموال عدد من الشخصيات الروسية الضالعة في ازمة القرم، وتمنع دخولهم إلي الغرب والولايات المتحدة،لكن شبكة المصالح الضخمة التي تربط الشركات الغربية والامريكية بالمصالح الروسية، باتت من القوة بحيث تفرض نفسها علي كل الاطراف، وتضع لكلا الجانبين سقفا للعقوبات التي يمكن ان يفرضها علي الاخر!..، وفضلا عن سقف العقوبات المحدودة الذي يعطي للطرفين امكانية العودة إلي خط الرجعة، ويحول دون تصاعد غير محكوم للازمة، ثمة تأكيدات واضحة بأن تلتزم كل الاطراف لعبة الدبلوماسية بعيدا عن أية مواجهات عسكرية،خاصة ان روسيا لم تخرق حتي الان قواعد الشرعية الدولية التي تعطي لشعب القرم بمعونة روسية الحق في تقرير مصيره، كما اعطت لكوزفو بمعونة غربية حق تقرير المصير رغما عن الصرب.
نقلاً عن "الأهرام"