مكرم محمد أحمد
لا يملك أى من الغريمين، الغرب والروس، تحويل خلافاتهم حول الازمة الاوكرانية إلى صراع مسلح، لان الطرفين يعرفان جيدا الثمن الباهظ لحرب عالمية ثالثة تحرص جميع الاطراف على تجنبها!
ولا يملك الروس رغم ضمهم لشبه جزيرة القرم القدرة على إعادة الستار الحديدى إلى دول الاتحاد السوفيتى الذى تفكك إلى أكثر من 15دولة، معظمها يرى مستقبله فى علاقات وثيقة مع أوروبا بحيث يكون جزءا من الديمقراطية الغربية والعالم الحر!، ولا يملك الامريكيون رغم قوتهم الهائلة القدرة على إخلاء البحرية الروسية من قواعدها البحرية فى شبه جزيرة القرم لانها كانت هناك منذ انهيار الدولة العثمانية،كما لا يملك الامريكيون إعادة تهجير سكان القرم ذوى الاصول الروسية من شبه جزيرة القرم إلى بلادهم لانهم مواطنون أوكرانيون لهم كل حقوق المواطنة.
وبسبب هذه المحددات على إرادات الروس والامريكيين والاوكرانيين سوف يظل مصير الازمة الاوكرانية محكما بالتفاوض وليس الحرب، رغم مظاهر عديدة تشير إلى عودة محتملة للحرب الباردة، ويزيد على ذلك حجم المصالح الاقتصادية الضخمة بين الروس والاتحاد الاوروبي، حيث تتجاوز الاستثمارات الروسية والغربية على الجانبين بلايين الدولارات، وفضلا عن ذلك فإن تصعيد الصراع الروسى الامريكى يمكن أن يعيق المباحثات التى تجرى بين إيران والدول الاعضاء الخمسة فى مجلس الأمن وبينها روسيا حول التسوية النهائية لازمة الملف النووي، وربما يزيد من صعوبات تسوية الحرب الاهلية فى سوريا ويعوق مشروع سلام الشرق الاوسط، خاصة أن الروس والغرب يعرفون جيدا، أنه منذ نهاية الحرب الباردة تحققت منجزات ضخمة لصالح الطرفين ساعدت على تعزير الامن والسلام الدوليين، أهمها انتهاء القواعد الروسية فى كوبا وفيتنام، ومنع انتشار الصواريخ البلاستيكية، وخفض الاسلحة النووية، وسقوط الستار الحديدى عن أوروبا الشرقية، وانتهاء الشيوعية كنظام للحكم والاقتصاد فى روسيا، وجميعها مكاسب ضخمة ما كان يمكن ان تتحقق لو استمرت الحرب الباردة، ولهذا السبب سوف يصل الغرب والروس إلى تسوية سلمية للأزمة الاوكرانية مهما تكن المصاعب.
نقلا عن "الاهرام"