مكرم محمد أحمد
ربما يكون واحدا من أهم نتائج ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا إضعاف النفوذ الروسى فى أوكرانيا، لأن ضم القرم سوف يهبط بنسبة السكان ذوى الأصول الروسية فى جميع أوكرانيا إلى حدود 15%، لا يشكلون نسبة مؤثرة فى سياسات أوكرانيا المستقبلية.
لكن ضم القرم إلى روسيا أمن لها مصالحها فى البحر الأسود التى تعود إلى القرن الثامن عشر، عندما نجحت القيصرة كاترين فى انتزاع ميناء سيبستيفول من الدولة العثمانية لتصبح قاعدة لاسطول روسى ضخم يضم أكثرمن ثلاثين قطعة.
وفى كتابه المهم (ريجان وجورباتشوف نهاية الحرب الباردة) يؤكد السفير الأمريكى جاك ماتلوك الذى كان سفيرا لبلاده فى الاتحاد السوفيتى أن الحرب الباردة لن تعود أبدا فى صورتها القديمة،لأن اسباب الخلاف بين الروس والامريكيين قلت كثيرا عما كان الوضع عليه خلال فترة الحرب الباردة، ولأن حجم التعاون بين واشنطن وموسكو بعد نهاية الحرب الباردة فاق فى كثيرمن الاحيان التعاون بين الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية، ولان انهاء الحرب الباردة تم بقرار روسى أمريكى مشترك، صدر عام 1998 فى مؤتمر مالطة وليس نتيجة انهيار الاتحاد السوفيتي،عندما اتفق جورج بوش وجوباتشوف على ان سقوط الشيوعية فى روسيا ينهى كل صور العداء بين الدولتين ولم يعد هناك ما يبرر استمرار الحرب الباردة.
وبرغم هذا القرار المشترك، أصرت واشنطن على معاملة روسيا باعتبارها الطرف الخاسر والمهزوم، وسعى الرؤساء الامريكيين الثلاثة، بوش الاب وكيلنتون وبوش الابن، إلى تثبيت هذا المفهوم، وكان اكثرهم جسارة كلنتون الذى مد نفوذ حزب الناتو شرقا ليضم عددا من دول حلف وارسو، وقصف صربيا وساعد على استقلال كوزوفوا، رغم وجود مذكرة تفاهم تلتزم فيها الولايات المتحدة بعدم الاستفادة من تراجع السوفيت فى اوروبا الشرقية.. ولهذا السبب ينزعج الروس كثيرا كلما اقترب الناتو من الحدود الروسية ويحسون الخطر الدائم من الخلط الامريكى المتعمد بين انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتى رغم انفصال الحدثين!.
نقلاً عن "الأهرام"