مكرم محمد أحمد
لا أشك أن التخلص من أبومازن يمثل الهاجس الرئيسى الذى يسيطر على الأجهزة الإسرائيلية الآن، وربما يحاولون دس السم له كما فعلوا مع عرفات بعد حملة كراهية تشوه صورته،
وربما يغتالونه غدرا بأى وسيلة متاحة بعد أن استعصى على ضغوطهم، وقرر المضى قدما فى معركته السياسية مع صقور إسرائيل، لكن ابومازن أثبت دهاء مدهشا عندما فصل فى نزاعه مع الإسرائيليين بين قضية تسليم المسجونين الفلسطينيين فى صفقة منفصلة مقابل استمرار التفاوض حتى نهاية موعده المحدد، وقضية التفاوض حول التسوية السلمية الشاملة، التى يعتقد أبومازن أن من صالح الفلسطينيين الإبقاء على أبوابها مفتوحة مهما عاند الإسرائيليون، إلى ان تقوم إسرائيل نفسها بإغلاق باب التفاوض، ويضبطهم المجتمع الدولى متلبسين بهذه الجريمة.
ولهذا السبب لم يوقع أبومازن، ضمن القرارات الـ15 التى وقعها للانضمام إلى المعاهدات والاتفاقيات الدولية، على قرار إنضمام فلسطين إلى المحكمة الدولية الجنائية التى يمكن أن تصدر أحكاما بالقبض على عدد من قادة إسرائيل المتورطين فى جرائم حرب فى أى عاصمة أوروبية، لأن أبومازن لا يريد أن يضع كل البيض فى سلة واحدة، وربما يفضل التدرج فى تصعيد هجومه السياسي.
وباليقين لا يمانع أبومازن فى استئناف التفاوض مع الإسرائيليين حول التسوية النهائية للصراع الفلسطينى الإسرائيلى فى إطار شروط جديدة تحدد مدة التفاوض بثلاثة أشهر، وتلزم الحكومة الإسرائيلية بوقف عمليات الاستيطان على أرض الضفة بشكل نهائى قاطع، وإطلاق سراح المزيد من الأسري، وإعلان التزامها بتنفيذ كل الوعود التى قطعتها على نفسها، ابتداء من رسم الحدود وغلق ملف الدولة اليهودية، والتوقف عن المطالبة بابعاد الفلسطينيين خارج بلادهم..، ولان أبومازن يعرف ان إسرائيل سوف ترفض هذه الشروط، فإنه يتوقع أن تتعرض السلطة الوطنية الفلسطينية لمخاطر ضخمة قد يكون بينها محاولة إسرائيل إسقاط السلطة أو إجبارها على الرحيل، الأمر الذى يلزم أبومازن اتخاذ قرارات صعبة فى المستقبل القريب لا يريد أن يفصح عنها الآن!.
"الأهرام"