مكرم محمد أحمد
يبدو ان الروس والامريكيين وجدوا أخيرا نقطة اللقاء التى يمكن أن تفتح الطريق إلى تسوية للازمةالاوكرانية، دون المخاطرة بمواجهة مسلحة لا تحمد عقباها، اوعودة الحرب الباردة التى تهدد مصالح ضخمة متبادلة بين روسيا والاتحاد الأوروبى وبين الروس والامريكيين، الزمت كل الفرقاء دقة الحساب وحسن التدبير!.
وربما يعتقد البعض ان الاتفاق الذى توصل إليه وزيرا الخارجية الامريكى جون كيرى و الروسى لافروف بعد مباحثات استمرت 6ساعات، ويقضى بامتناع المسلحين الموالين لروسيا عن التجمهر العلنى فى ميادين او شوارع أى من المدن فى شرق اوكرانيا وجنوبها، والزامهم إعادة المبانى التى استولوا عليها إلى الحكومة الاوكرانية، هو اتفاق موضعى محدد لا يقدم تسوية شاملة للمشكلة الاوكرانية بما فى ذلك ضم شبه جزيرة القرم إلى روسيا، لكن ما من شك ان هذا الاتفاق قلل من حجم التوتر الذى تعيشه اوكرانيا، ومنع تصاعد الخلاف الروسى الامريكى إلى ذرا جديدة، وفتح طريق اكثر واقعية لمخاطبة كل جوانب المشكلة، يمكن كل طرف من الادعاء بانه حقق ما يريد!.
وقد يكون فى وسع الرئيس بوتين أن يفاخرالان، بان انضام شبه جزيرة القرم إلى روسيا اصبح امرا واقعا، وان قبول أوكرانيا تغيير بعض بنود الدستور فى الاتفاق الاخير يمكن ان يقدم ضمانات جديدة لسكان شرق وجنوب اوكرانيا من اصل روسى يحفظ حقوقهم فى حكم ذاتي، كما انه ربما يكون فى وسع الرئيس الامريكى اوباما ان يفاخر بانه منع المسلحين الروس من الوجود العلنى فى شرق وجنوب اوكرانيا، وابعد شبح الحرب الاهلية، وفصل بين روسيا وسكان شرق اوكرانيا وحفظ لاوكرانيا وحدتها.
وثمة توقعات شبه مؤكدة بأن الروس سوف يسحبون 40ألف جندى يقفون الآن على حدود روسيا، تأكيدا لالتزامهم المعلن بالامتناع عن غزو اوكرانيا او اقتحام حدودها، لكن الاكثر اهمية من كل ذلك، اقتناع الجميع بان اختفاء الحرب الباردة يمثل مكسبا ضخما ينبغى الحفاظ عليه، ولو من خلال خطوات محدودة تقلل من حجم التوتر، وتعطى بادرة امل على امكان ابقاء اوكرانيا دولة موحدة تملك قرارها،دون ان تكون عضوا فى حزب الناتو!.
"نقلًا عن جريدة الأهرام"