بقلم-مكرم محمد أحمد
أطلق الرئيس الأمريكى ترامب شرارة تصعيد جديد فى حربه التجارية مع الصين بإعلان شركة جوجل العالمية تعليق كل أعمالها التجارية مع شركة هواوى عملاق الإتصالات الصينية، فى خطوة من شأنها عرقلة أنشطة الشركة الصينية فى الأسواق العالمية، وأعلنت شركة ألفابت المالكة لجوجل أن وقف أى تعاون لها مع هواوى الصينية يشمل نقل أى قطع غيار أو برامج فيما عدا المفتوحة المصدر، الأمر الذى من شأنه حرمان الشركة الصينية من بعض تحديثات نظام التشغيل أندرويد، وفقدان إمكانية الوصول إلى العديد من تطبيقات جوجل، وقد قطعت 5 شركات أمريكية إمداداتها الحيوية عن شركة هواوى الصينية و70 شركة صينية تابعة لها بعد تعليق أعمالها مع جوجل فى خطوة تصعيدية تمنع شركات الاتصالات الصينية من الحصول على أى مكونات تكنولوجية من شركات أمريكية دون موافقة مُسبقة من الحكومة الأمريكية.
وقد تعاقبت هذه التطورات السريعة بعد سلسلة من الإتهامات الأمريكية لشركات الإتصالات الصينية وفى مقدمتها شركة هواوى بأنها تُشكل تهديداً للأمن القومى الأمريكى وتمارس أعمالاً تجسسية، وهو ما قابلته الصين بالنفى والرفض القاطع، وطرح تساؤلات عديدة حول مغزى هذا التصعيد وإن كان حافزه الأساسى مخاوف أمنية حقيقية، أم أن الأمر لا يعدو أن يكون ورقة ضغط فى الحرب التجارية المستعرة بين البلدين! والحق أنه منذ وصول الرئيس الأمريكى ترامب إلى البيت الأبيض عام 2017 لم يخف الرجل عزمه على ضرورة إصلاح العلاقات التجارية الأمريكية الصينية كى تصبح أكثر توازناً وعدلاً وتواجه القرصنة الصينية لحقوق المعرفة والملكية الفكرية التى يتم إكراه الشركات الأمريكية على الإذعان لها كى تتمكن من دخول الأسواق الصينية، لا سيما فى قطاعات الاتصالات الإلكترونية، وقد ترتب على تصعيد السجال التجارى بين الصين وأمريكا أن فرضت الولايات المتحدة المزيد من الرسوم على سلع صينية بمئات المليارات من الدولارات كان آخرها الرسوم المفروضة على سلع تصل قيمتها إلى 200 مليار دولار مع مطلع هذا الشهر، ومع تصاعد السجال بين الولايات المتحدة والصين فى حربهما التجارية المستعرة، تتسع دائرة الاتهامات المتبادلة والتى كان آخرها إتهام وكالة الإستخبارات الأمريكية شركة هواوى الصينية بالحصول على تمويل من أمن الدولة الصينى، وبأن معداتها تحتوى على أبواب خلفية فى شبكات أمنية لاستخدام الجواسيس الصينيين، فضلا عن مخاطر استخدام أنظمة التكنولوجيا الصينية فى أية مشاريع مملوكة للحكومة الأمريكية لها صلات بالصين، بما دفع الرئيس الأمريكى إلى أن يوقع الأسبوع الماضى قراراً يقضى بحظر إستخدام الشركات الأمريكية لمعدات الإتصال التى يجرى تصنيعها فى الصين ويعتقد أنها تشكل تهديداً للأمن القومى الأمريكى، وأكدت جوجل أخيراً أن مستخدمى هواوى سيتمكنون من استخدام تحديثات التطبيقات التى تقدمها جوجل على أجهزة هواوى الحالية، ولكن عندما تطلق جوجل الإصدار الجديد من نظام تشغيل أندرويد فى وقت لاحق من هذا العام فإن هذه التحديثات لن تكون متاحة على أجهزة هواوى، على حين طمأنت شركة «هواوى» مالكى هواتفها بأنهم سوف يستمرون فى تلقى خدمة ما بعد البيع بما فى ذلك الهواتف الجديدة التى تم شحنها إلى الأسواق العالمية.
وأكدت الشركة أنها قامت ببناء نظام تشغيل لهواتفها الذكية وأجهزة الكمبيوتر اللوحية فى حالة استمرار القيود المفروضة مجدداً من جوجل، كما نفت شركة أنفنيون الألمانية التى تنتج رقائق التحكم عزمها على تعليق شحناتها إلى «هواوى» وأكدت أن قيود التصدير التى أعلنتها إدارة الرئيس ترامب الأسبوع الماضى لا تشمل معظم منتجاتها، وكانت مبيعات هواوى الصينية قد بلغت فى الربع الأول من هذا العام 9 ملايين هاتف تمثل 19٪ من حصة السوق متفوقة بذلك على الأرقام التى حققتها آبل الأمريكية، لكنها جاءت فى المرتبة الثانية بعد سامسونج الكورية الجنوبية، وتقول الولايات المتحدة فى سعيها الحثيث للإساءة إلى سمعة هواوى أن هواوى تتمتع بعلاقات وطيدة مع حكومة الصين وقد تساعد هواوى بكين فى سعيها لجمع المعلومات الخاصة بالمواطنين الغربيين والمنظمات والحكومات الغربية، وأن واشنطن تعتبرها تهديداً للأمن القومى الأمريكى رغم أنها ثانية أكبر شركات إنتاج الهواتف فى العالم وقد باعت فى العام الماضى أكثر من 200 مليون هاتف فى شتى أنحاء العالم.
وفى استجوابات أمام الكونجرس العام الماضى حذر ستة من وكالات الإستخبارات الأمريكية الرئيسية منها الوكالة المركزية من استخدام منتجات وخدمات هواوى، غير أن رين زينغفوى مدير هواوى يؤكد أنها شركة خاصة كل علاقاتها بالحكومة الصينية أنها تدفع لها الضرائب المستحقة، وأن أسهم الشركة ملك لموظفيها، وثمة منظمة عالمية للدول الناطقة بالإنجليزية تعرف باسم العيون الخمس تشارك فيها أجهزة استخبارات الولايات المتحدة وبريطانيا واستراليا وكندا كانت تعمل لصالح الدول الخمس إبان الحرب الباردة ويتم توجيهها الآن للعمل ضد الصين.
رغم أن الصين تنفى تماماً أن يشكل إنتاج هواوى أى تهديد أمنى، وتعتبر جهود الإدارة الأمريكية فى هذا المجال نوعاً من عمليات التخريب الصناعى باستخدام أمن البلاد ذريعة لقمع الشركات الأجنبية، تزيد الحرب التجارية اشتعالاً وتحد من المنافسة، ولا يبدو حتى الآن أنها يمكن أن تحقق النجاح.
نقلا عن الأهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع