توقيت القاهرة المحلي 20:18:55 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أوروبا تعاند ترامب

  مصر اليوم -

أوروبا تعاند ترامب

بقلم - مكرم محمد أحمد

تتصاعد حدة الأزمة بين الرئيس الأمريكى ترامب والرئيس الفرنسى ماكرون وتزداد اتساعاً منذ أطلق ماكرون تصريحه بأن أوروبا فى حاجة إلى بناء جيش أوروبى موحد يحمى أمنها، بعد أن بات من الصعوبة بمكان الاعتماد على الولايات المتحدة، يوم الاحتفال بمرور مائة عام على نهاية الحرب العالمية الأولى، التى رد عليها الرئيس الأمريكى ترامب مطالباً قادة أوروبا وبينهم فرنسا بأن يدفعوا أولاً حصتهم فى موازنة حلف الناتو، وأن يكونوا أكثر عدلاً فى تحمل مسئولياتهم فى الدفاع عن أمن أوروبا، ورغم أن الرئيس الفرنسى حاول خلال لقائه الرئيس ترامب فى قصر الإليزيه أن يخفف من وقع الأزمة إلى حد يقرب من الاعتذار، عندما أقر بأن تصريحاته سببت نوعاً من الإرباك، وأن على أوروبا بالفعل أن ترفع مساهماتها فى موازنة الناتو، إلا أن الرئيس الأمريكى يصر على أن ما صدر عن الرئيس الفرنسى يمثل إهانة يصعب قبولها، وأن فرنسا شأنها شأن باقى الدول الأوروبية تحرص على أن تكون موازناتها العسكرية أقل من 2% من الدخل القومى، وعلى الولايات المتحدة أن تسد العجز فى موازنة الدفاع عن أمن أوروبا. وفور عودته إلى الولايات المتحدة واصل ترامب حملته على الرئيس الفرنسى مؤكداً أن ماكرون يفقد شعبيته التى انخفضت داخل فرنسا إلى أقل من 36%، وأن البطالة ارتفعت فى عهده إلى حدود 10%، وفى تغريدة أخرى على تويتر اشتكى ترامب من السياسة الحمائية التى تتبعها فرنسا التى تفرض جمارك عالية على دخول النبيذ الأمريكى إلى فرنسا الذى لا يقل جودة عن النبيذ الفرنسى، ووعد ترامب برفع التعريفة الجمركية على دخول النبيذ الفرنسى إلى الأسواق الأمريكية، وزادت الأزمة اتساعاً بعد أن دخلت المستشارة الألمانية ميركل على الخط، تساند تصريحات الرئيس الفرنسى عن حاجة أوروبا إلى جيش وطنى يحفظ أمنها بعد أن بات من الصعب الاعتماد على الولايات المتحدة، وقالت ميركل فى خطابها الأخير أمام البرلمان الأوروبى إن الزمن الذى كانت تعتمد فيه أوروبا فى صون أمنها على أمريكا قد ولى وانتهى، وأن الجيش الأوروبى الواحد سوف يؤكد للعالم أجمع أن أوروبا لن تنقسم ولن يحارب بعضها بعضا.

والواضح أن الشروخ العميقة التى تباعد بين مصالح أمريكا والمصالح الأوروبية تزداد اتساعاً، وأن فرص ترميم هذه العلاقات تبدو شاحبة فى عهد الرئيس ترامب، خاصة مع اختلاف موقف الجانبين فى قضية العقوبات الأمريكية على إيران، وتهديد أمريكا المستمر بفرض العقوبات على الشركات الأوروبية التى تواصل تعاملها مع إيران إلى حد أن الكثير من الأوروبيين يعتقدون أنه ما من حل لهذه المشكلات سوى الصبر إلى حين انتهاء فترة حكم ترامب الذى يبدو واضحاً أنه سوف يفوز بفترة حكم ثانية مهما اشتدت حملات نقاده وكارهيه، ورغم خسارة الجمهوريين مجلس النواب فإن التوقعات كلها تؤكد أن ترامب سوف يفوز بولاية ثانية، بسبب النجاحات الاقتصادية التى حققها، حيث هبطت معدلات البطالة إلى حدها الأدنى، ولعلها المرة الأولى فى تاريخ الولايات المتحدة التى ينقسم فيها الأمريكيون بنسب متقاربة بين الذين يحبون ترامب، ويمكن أن يبلعوا له الزلط ويغفروا كل خطاياه ويبدوا سعادتهم بطريقته فى الحكم التى يشوبها بعض العنصرية، وبين كارهيه الذين يحملونه مسئولية كل ما هو سلبى الآن فى الولايات المتحدة، ابتداء من انتشار جرائم الكراهية والقتل الجماعى فى المدارس والجامعات والأندية الليلية، فضلاً عن صور عديدة من التمييز العنصرى ومعاداة الهجرة القادمة من الخارج إلى حد حشد عشرات الآلاف من القوات المسلحة على حدود المكسيك قلقاً من قوافل المهاجرين عبر الحدود!

وثمة من يتهمون ترامب بأنه حرف تصريحات الرئيس الفرنسى الذى لم يقل أبداً إن واحدة من مهام الجيش الوطنى الأوروبى هى حماية أمن أوروبا من العدوان المحتمل من الصين وروسيا والولايات المتحدة، الأمر الذى لم يحدث، والمدهش والغريب أن الرئيس الأمريكى هو أول من تحدث عن ضرورة أن تكف أوروبا عن الاعتماد على الولايات المتحدة فى تحقيق أمنها، فلماذا يغضب إذن عندما تقول المستشارة الألمانية ميركل إن على أوروبا أن تمسك مصيرها بأيديها وليس بيد أخرى؟.

نقلا عن الاهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوروبا تعاند ترامب أوروبا تعاند ترامب



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

اللون الأسود سيطر على إطلالات ياسمين صبري في عام 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 09:13 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة
  مصر اليوم - زيلينسكي يتهم الغرب باستخدام الأوكرانيين كعمالة رخيصة

GMT 18:02 2025 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم "الدشاش"
  مصر اليوم - محمد سعد يشيد بتعاونه مع باسم سمرة ونجوم فيلم الدشاش

GMT 22:20 2025 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

دراسة حديثة تكشف علاقة الكوابيس الليلية بالخرف

GMT 22:21 2024 الأربعاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

عباس النوري يتحدث عن نقطة قوة سوريا ويوجه رسالة للحكومة

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 09:13 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

GMT 10:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 06:04 2024 الثلاثاء ,31 كانون الأول / ديسمبر

مواقيت الصلاة في مصر اليوم الثلاثاء 31 ديسمبر / كانون الأول 2024

GMT 14:18 2024 السبت ,13 كانون الثاني / يناير

من أي معدن سُكب هذا الدحدوح!

GMT 21:19 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تربح 7.4 مليارات جنيه ومؤشرها الرئيس يقفز 1.26%

GMT 21:48 2020 الأحد ,04 تشرين الأول / أكتوبر

البورصة المصرية تغلق التعاملات على تباين
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon