بقلم : مكرم محمد أحمد
هل غيرت التجارب النووية لكوريا الشمالية البنية الجيولوجية للأرض؟ وهل صحيح أن جبل «مانتاب» الذى تفجر كوريا الشمالية أسفله قنابلها النووية ويبلغ ارتفاع قمته أكثر من 7 آلاف قدم يعانى من إجهادا شديدا زحزح الجبل عن مكانه وأحدث داخله شروخاً عميقة يمكن أن تتسبب فى أخطار جسيمة بعد التجربة النووية الأخيرة التى أجرتها كوريا الشمالية فى سبتمبر الماضي، وادعى نظام الرئيس الكورى كيم جونغ أنها قنبلة هيدروجينية لا يقل حجمها عن 17 ضعف حجم القنبلة التى تم تفجيرها فى هيروشيما، هز المنازل فى شمال شرق الصين ودمر أجزاء غير صغيرة من جبل مانتاب ومنذ عام 2006 أجرت كوريا الشمالية ست تجارب نووية جميعها تم فى أنفاق محفورة عميقة تحت جبل مانتاب فى موقع يعرف باسم مرفق التجارب النووية ، وغالباً ما يتعرف الخبراء ومحللو الاستخبارات على حجم هذه التجارب وقوتها من خلال الهزات الأرضية التى تحدثها فضلاً عن صور الأقمار الصناعية التى تتعقب أى إشارات تصدر من خلال المداخل الثلاثة للأنفاق، وقد أظهرت الصور التى التقطتها شركة «إيرباص» وهى شركة تعمل فى تكنولوجيا الفضاء تقوم بصنع أقمار صناعية لرصد الأرض، إن الجبل دون أدنى مبالغة يتحرك أثناء الاختبار، كما هبطت مساحة 85 فدانا على قمة جبل «مانتا» ظهرت بشكل واضح بعد الانفجار دليلا على حجم الانفجار وقوته.
أما التوابع التى تمثلت فى ثلاثة زلازل أصغر بكثير فكانت فى نطاق يتراوح بين 2 و 3 درجات وأدى ذلك إلى أن يتساءل المحللون عما إذا كان جبل «مانتاب» يعانى بالفعل «متلازمة جبل متعب»، وهو تشخيص سبق إطلاقه على مواقع الاختبار الذرى للاتحاد السوفيتى التى أصابها الإجهاد وفى الولايات المتحدة الأمريكية أيضا التى وقعت بها زلازل فى موقع التجارب النووية فى منطقة نيفادا وبعد عدد من التفجيرات النووية جرت هناك، غيرت طبيعة المكان. ويؤكد علماء الزلازل أن الخبرة التى اكتسبوها من موقع اختبار نيفادا و عدد من التجارب الرئيسية للاتحاد السوفييتى فى «كازاخستان» أظهرت أنه بعد انفجار نووى كبير يمكن أن تحدث عدة ظواهر جيولوجية تشمل انهيار التجاويف الأرضية بعد التفجير بساعات والتشققات التى تظهر فى بعض الطبقات الأرضية. لكن الواضح أن موقع التجارب فى جبل مانتاب قد تأثر على نحو بالغ بسبب شدة الانفجار الأول والهزات اللاحقة بما يؤكد أنها أحدثت ضرراَ كبيراَ لشبكة الأنفاق الموجودة تحت جبل مانتابب التى تقود الى مواقع التفجيرات النووية أثرت على بنية الجبل وتسببت فى تدهوره، غير أن تدهور الجبل لا يعنى بالضرورة أنه سيتم التخلى عنه كموقع اختبار - تماما كما أن الولايات المتحدة لم تتخل عن موقع اختبار نيفادا بعد وقوع الزلازل هناك. وبدلا من ذلك واصلت الولايات المتحدة استخدام الموقع حتى بدء سريان الوقف الاختيارى للتجارب النووية فى عام 1992، ولهذا السبب سيواصل المحللون مراقبة موقع «جبل مانتاب» عن كثب لمعرفة ما إذا كانت كوريا الشمالية ستبدأ فى التنقيب هناك مرة أخرى أم أن الجبل قد تأثر بصورة بالغة تمنع إعادة استخدامه. وقد حذر علماء صينيون أخيراَ من أن اختبارا آخر تحت الجبل قد يؤدى الى كارثة بيئية و ثمة مخاوف من أن يؤدى انهيار الجبل إلى تسرب الإشعاعات من حفرة التفجير إذا انكشفت. وعادة ما يسمى العلماء ذلك «باقتلاع السقف» إذ ينهار الجبل و تنكشف حفرة التفجير وتتسرب الإشعاعات، الأمر الذى يمكن أن يؤدى إلى الكثير من الأمور السيئة.
وقد أثارت الأحداث الزلزالية الأخيرة التى أعقبت عمليات تفجير كوريا الشمالية قلقا بيئيا آخر وهو أن التجارب النووية قد تؤدى إلى اندلاع بركان جبل «بايكتو» وهو بركان نشط يمتد أثره على الحدود بين كوريا الشمالية والصين فى مسافة تزيد على 80 ميلا. صحيح أن البركان لم يشهد ثورة كبيرة لعدة قرون لكن الاحتمال لا يزال قائما لأن البركان غير خامل تماما، غير أن الحقيقة الأكثر أهمية أن الكوكب الأرضى يتعرض لمخاطر جمة بسبب التفجيرات النووية و ربما يكون ما حدث فى جبل مانتاب فى كوريا الشمالية مجرد جزء صغير من الذى حدث فى كوكبنا الأرضى نتيجة التجارب النووية التى حدثت فى الولايات المتحدة و الصين و روسيا و لم يكشف بعد النقاب عن حقيقتها وأثرها الجيولوجى الخطير على مواقع هذه التفجيرات.