توقيت القاهرة المحلي 05:42:10 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأزهر والرئاسة

  مصر اليوم -

الأزهر والرئاسة

بقلم - مكرم محمد أحمد

لا أعتقد أن محاولات الوقيعة بين الرئاسة والأزهر يمكن أن تمر أو تنجح رغم كثرة المحاولات وتعددها، لأن الأزهر باعتباره حصن السُنة المنيع لا يزال على اعتقاده الراسخ بوجوب إعلاء مكانة ولى الأمر، واحترام قراراته كى لا تصير فتنة، هى باليقين لن تكون فى صالح الحكم أو الأزهر، يرفضها الجميع، العوام والخواص وفقهاء السنة على تعددهم، كما ترفضها الدولة المصرية التى درجت على احترام الأزهر، باعتباره منبر الوسطية والاعتدال والمرجعية الأساسية للسُنة، وكما درج شيوخ الأزهر الأجلاء على امتداد تاريخ الأزهر العريق على احترام هذه الثوابت فى العلاقة بين الأزهر والدولة المصرية، درج الإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب على هذا النهج، الذى يُشكل التزاما واضحا عبر عنه الشيخ الجليل مرارا بالقول والفعل.

ولا أظن أن من حق أحد أن ينسى أو يتناسى جهود الشيخ أحمد الطيب التى حالت دون أن تتمكن جماعة الإخوان من اختطاف الأزهر الشريف، وكانوا على وشك الفعل وتنصيب إمامهم القرضاوى فى هذا المنصب الجليل لولا شجاعة الشيخ أحمد الطيب، الذى وقف أيضا ضد عسكرة الأزهر عندما منع الاستعراض العسكرى للجماعة فى إحدى الكليات الأزهرية، ولماذا نذهب بعيدا وقد كان الشيخ الجليل واحدا من أبطال ثورة يونيو التى خرجت فى شوارع كل المحافظات المصرية تطالب بإسقاط حكم المرشد والجماعة فى تظاهرة ضمت ما يقرب من 40 مليون مصرى!.

وكما درج شيوخ الأزهر على احترام ثوابت العلاقة بين الأزهر والدولة المصرية، حافظ الرئيس السيسى على تقديره واحترامه العالى لمؤسسة الأزهر ودورها المستنير فى تعزيز وسطية الإسلام واعتداله، وأشاد بدور الأزهر مرات عديدة وامتدح دعواته المتكررة إلى التسامح والاعتراف بالآخر والأخوة الوطنية التى ينبغى أن تُكلل العلاقة بين أقباط مصر ومسلميها كى يشكلوا أسرة مصرية واحدة، ولا يخدش العلاقة بين الأزهر والدولة المصرية التى تقوم على الاحترام المتبادل، أن يطمح الرئيس السيسى إلى المزيد من اجتهادات علماء الأزهر فى تطوير الخطاب الدينى، خاصة أن المطلوب بالفعل هو إعادة فرز الكثير من تراث الفكر الإنسانى الإسلامى، الذى يشوبه الكثير من الخلط بين الخرافة والبدع وحقائق الغيب التى وردت فى النص الإسلامى، خاصة أن غاية ما يطلبه المصلحون هو تحكيم العقل الإنسانى فى فرز الغث من السمين فى هذا التراث الإنسانى الذى يُحتمل إعادة التأويل والتفسير وفقا لمتغيرات العصر وضروراتها.

وكالعادة، اندفع أصحاب المصالح الصغيرة ليصوروا الأمر وكأنه خلاف على السنة، رغم أن السنة هى أكثر المذاهب الإسلامية تحذيرا من خطأ الخروج على الحاكم درءاً لأخطار الفتنة فى ظروف جد عصيبة، كما تصور البعض الآخر أن الظروف مهيأة لفتاوى غير مدروسة لم يرد بشأنها نص قرآنى حول أحقية المرأة فى المساواة فى الإرث مع الرجل، مع أن النص القرآنى واضح ومباشر لا يداخله الشك يعطى أسبابا واضحة لهذا التمييز بين الرجل والمرأة فى الميراث، ورغم سكوتهم المريب على العدوان على حق المرأة فى الميراث الذى يكاد يلزم جميع أسر صعيد مصر رغم وجود نص قرآنى واجب التطبيق، هدفهم من ذلك أن يزداد الخلاف عمقاً وتتباعد المسافات بين الأزهر والدولة المصرية وهو "عشم إبليس فى الجنة" الذى لن يتحقق أبداً، والغريب فى الأمر أن يجزم البعض بأن فتوى المساواة بين المرأة والرجل فى الميراث ما كان ممكناً أن تصدر عن صاحبها، دون إشارة خضراء من الدولة المصرية وهو أمر غير صحيح بالمرة، وإذا كانت تونس قد أقرت أحقية المرأة فى ميراث يعادل ميراث الرجل فإن مصر بأزهرها الشريف ومرجعيته الكبرى للسنة فى العالم أجمع لا تستطيع أن تقلد تونس ،لأن إقرار مصر مثل هذه الفتوى يشعل فتنة كبرى فى العالم الإسلامى.

ورغم حبى واحترامى للإمام الأكبر الشيخ أحمد الطيب وتقديرى الشخصى البالغ للجهد المحمود الذى بذله على مستوى العالم أجمع من أجل إظهار صورة الإسلام على حقيقتها الوسطية والمعتدلة التى تنادى بتعارف الشعوب وتلاقى الحضارات والأديان ـ فإننى لا أضع الشيخ الجليل فوق مستوى النقد والملاحظة، هذا حق البشر على البشر لكن عندما يقول أحد نواب البرلمان إن الشيخ الطيب واحد من خلايا جماعة الإخوان النائمة، فمن حق الذين يعرفون حقيقة الرجل ومواقفه أن يغضبوا لهذه النميمة الكاذبة، لأن الشيخ أحمد الطيب هو واحد من كبار المجددين فى الدين الإسلامى.

نقلا عن الاهرام القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأزهر والرئاسة الأزهر والرئاسة



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات عملية ومريحة للنجمات في مهرجان الجونة أبرزها ليسرا وهند صبري

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 18:09 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه
  مصر اليوم - بانكوك وجهة سياحية أوروبية تجمع بين الثقافة والترفيه

GMT 08:32 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

غوتيريس "قلق جدا" لوجود قوات كورية شمالية في روسيا
  مصر اليوم - غوتيريس قلق جدا لوجود قوات كورية شمالية في روسيا

GMT 05:30 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يطالب بتطبيق القرار 1701 بحرفيته دون إضافات أو تفسيرات
  مصر اليوم - لبنان يطالب بتطبيق القرار 1701 بحرفيته دون إضافات أو تفسيرات

GMT 17:24 2024 الإثنين ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة حديثة تكشف صلة محتملة بين الاكتئاب وارتفاع حرارة الجسم
  مصر اليوم - دراسة حديثة تكشف صلة محتملة بين الاكتئاب وارتفاع حرارة الجسم

GMT 04:39 2024 الثلاثاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

جيش منظم على الإنترنت ضد "تزوير الانتخابات" يدعمه إيلون ماسك
  مصر اليوم - جيش منظم على الإنترنت ضد تزوير الانتخابات يدعمه إيلون ماسك

GMT 09:38 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحوت

GMT 00:05 2023 الثلاثاء ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الأهلي يستقر على التجديد لعمرو السولية

GMT 07:13 2021 الثلاثاء ,20 تموز / يوليو

جزء ثانٍ من فيلم «موسى» في صيف 2022 قيد الدراسة

GMT 13:06 2021 الثلاثاء ,08 حزيران / يونيو

أنشيلوتي يحسم موققه من ضم محمد صلاح إلى ريال مدريد

GMT 09:11 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم الإثنين 20/9/2021 برج الحمل
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon