بقلم - مكرم محمد أحمد
طبقاً لتقرير صدر أخيراً عن الأمم المتحدة فإن أسعد دولة فى العالم هى فنلندا رغم أنها ليست الأعلى دخلاً، أما الدولة الأشد تعاسة فهى بوروندى التى تعانى من حرب أهلية تقوم على التطهير العرقي، كما يكشف التقرير أن مستوى السعادة هبط 5 درجات فى الولايات المتحدة ليصبح ترتيبها الدولة 18 فى العالم عام 2016، بينما الدول الأربع الأكثر سعادة فى العالم هى على التوالى فنلندا، ثم النرويج والدنمارك وأيسلندا، وإذا كانت بوروندى هى الأتعس حالاً، يليها رواندا واليمن وتنزانيا وجنوب السودان وإفريقيا الوسطي، فإن معظم هذه الدول تعانى من حروب أهلية عرقية ضيعت الحرث والنسل وبددت مواردها فى القتل والتدمير.
وفنلندا الأسعد بين دول العالم دولة صغيرة تعدادها 5 ملايين ونصف المليون مواطن عانت قبل 50 عاماً خطر المجاعة، لكنها الأكثر أمناً واستقراراً، وحكومتها هى الأكثر رشاداً والأقل فساداً بين الأمم، وهى الأكثر تقدماً وإنسانية فى نظامها الاجتماعي، شرطتها الأكثر مدعاة للثقة بين شرطة العالم، وبنوكها الأكثر جدارة ونزاهة واستحقاقاً، وجامعاتها هى الأفضل فى برامج التعليم والتدريب، وبرغم أن فنلندا ليست الأعلى دخلا إلا أنها مثل كل دول الشمال سجلت أرقاماً مهمة فى ارتفاع مستويات الدخول والارتقاء بالحالة الصحية لمواطنيها وتمتعهم بالدعم الاقتصادى والحرية فى الرأى والتعبير والعقيدة والبحث العلمى وطبقاً لتقديرات معهد جالوب الإحصائى فإن فنلندا ربما تكون الأغلى فى ضرائبها، لكن الفنلنديين يعتبرون الضريبة استثماراً فى جودة الخدمات والحياة والرعاية الصحية المتميزة. وجاء ترتيب الدول العربية مختلطاً جداً، حيث تفرقت دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بين رأس القائمة ووسطها وذيلها، لكن الدولة العربية الأسعد حالاً هى الإمارات التى احتلت المرتبة الرابعة عشرة بين دول العالم الأكثر سعادة، يتبعها دول الخليج باستثناء البحرين التى تتوسط قائمة الدول الأكثر سعادة، أما دول الربيع العربى فجميعها يدخل ضمن الدول الأقل سعادة فى الشرق الأوسط والعالم، وبرغم التقدم الاقتصادى والاجتماعى الذى حققته اليابان فإن شعبها ليس الأسعد، ولا يتصدر قائمة الدول السعيدة بسبب المخاطر الطبيعية التى تتعرض لها اليابان.
وكشف تقرير الأمم المتحدة أن تركيا هى من أقل الدول سعادة بسبب نظام حكمها الذى يعادى حرية الصحافة، ويعتقل كل من يخالفه، ويطرد ويرفس كل الذين يكونون موضع ارتياب الحزب الحاكم، فضلاً عن تزايد توجه رئيسها رجب طيب أردوغان نحو الحكم الديكتاتورى وقمع الحريات العامة والخاصة، ولم تدخل أى الدول السياحية الكبرى مثل إسبانيا وإيطاليا وفرنسا ضمن الدول الأكثر سعادة.
ويصنف تقرير السعادة العالمى الجديد 156 بلداً على أساس معايير أساسية بينها متوسط العمر الذى يعيشه الفرد والتنوع البيئى والثقافي، والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية والفساد ومستوى الكرم، وحالة الرضا والتفاؤل والحرية التى يتمتع بها الفرد. وجاءت بريطانيا فى المركز التاسع بعد كندا وكوستاريكا وإسرائيل ولاحظ مايك وايكوبنج الرئيس التنفيذى لمعهد أبحاث السعادة أن فنلندا صنفت على أنها أسعد بلدان العالم رغم أنها أفقر بكثير من البلدان المتطورة الأخري، وبرغم أن لدى فنلندا وبريطانيا وبريكاسا مستوى متقارباً لنصيب الفرد من إجمالى الناتج المحلي، لكن فنلندا تحول ثرواتها إلى سعادة أفضل بكثير من بريطانيا، كما أشار التقرير إلى ثلاث مشكلات صحية راهنة تهدد مستوى سعادة الشعب الأمريكى لأنها تتخاصم على نحو مستمر وأسرع كثيراً من أية دول أخرى هى البدانة بسبب النظام الغذائى السيئ للأمريكيين، وتعاطى المسكنات الأفيونية وانتشار الاكتئاب، وطبقاً للمسح الاجتماعى فإن الدول العشر الأكثر سعادة هى فنلندا والنرويج والدنمارك وأيسلندا وسويسرا وهولندا وكندا ونيوزيلندا والسويد وأستراليا، واللافت للنظر أن تحتل إسرائيل المرتبة 11 كأكثر شعوب العالم سعادة فى العالم تسبق جميع الدول العربية، كما تسبق الولايات المتحدة التى تراجعت مكانتها لتصبح فى المركز 18 بعد أن كانت قبل المركز العاشر.
وربما كان أهم الحقائق التى أوردها تقرير السعادة أن كل دول الربيع العربى بما فى ذلك مصر وسوريا والعراق وليبيا جاءت فى ذيل القائمة بسبب سنوات الفوضى التى عاشتها، وسيطرة جماعة الإخوان الإرهابية على أحداث هذه الدول، واشتغالها بتهريب وتوظيف الأموال وتجارة العملة، وسيطرتها للأسواق السوداء التى زادت الأوضاع سوءاً.
نقلا عن الاهرام القاهريه