توقيت القاهرة المحلي 22:01:05 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الطريق إلى الروهينجا !

  مصر اليوم -

الطريق إلى الروهينجا

بقلم : مكرم محمد أحمد

بسبب مأساة مسجد الروضة في سيناء أجل الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر رحلته التاريخية إلى معسكرات اللاجئين من الروهينجا المسلمين فى بنجلاديش الذين هربوا من بورما التى تغير اسمها أخيرا إلى ميانمار، وتصل أعدادهم إلى ما يزيد على نصف مليون نسمة يعيشون فى مخيمات غاية فى الفقر وقلة الإمكانات بعد أن طردتهم قوات الجيش والأمن البورمى فى حرب مأساوية، تشكل أخطر كارثة إنسانية فى القرن الحادى والعشرين بعد الذى حدث فى سوريا خلال أحداث الربيع العربى الكاذب عام 2011 . ولأن الأزهر الشريف تابع عن قرب الصور المفزعة لأعمال القتل والمجازر الوحشية وعمليات الإبادة الجماعية، هذا المشهد الهمجى واللا إنسانى الذى ما كان يحدث لولا أن الضمير الإنسانى قد مات، ارتفع صوت الأزهر يندد بالعدوان الآثم ويحفز مصر الدولة على أن تنهض بدورها لتكون الخارجية المصرية أول الداعين إلى اجتماع عاجل لمجلس الأمن الدولى، أدان العدوان وطالب بوقفه الفورى وعودة اللاجئين إلى بلادهم.

والروهينجا المسلمون أقلية لا تزيد على المليون يسكنون بورما منذ الأزل، بلد يتكون من أقليات وأعراق عديدة تحاربت طويلا، العرق الأكبر فيها هو شعب بامار الذى يشكل 40 فى المائة من بلد تعداده 48 مليون نسمة، يسكن الروهينجا إحدى ولاياته، ولاية راخين، ورغم ثراء إمكانات الولاية التى تضم حقولاً وأراضى زراعية شاسعة ومناجم وحقول بترول وغاز، يعيش الروهينجا فى أسوأ حال مضطهدين ومحرومين من الجنسية بحجة أنهم قدموا من أرض البنغال، ليس لهم حق الترشيح أو التصويت أو الانتخاب، ويفرض عليهم القانون فترة راحة مدتها 3 أعوام تفصل بين عملية إنجاب وأخرى كنوع إجبارى من تحديد النسل، ورغم أنهم يسكنون هذه المنطقة الإستراتيجية المهمة والغنية بالموارد الاقتصادية التى تفصل بين الهند والصين وتشهد الآن عددا من مشروعات التنمية الضخمة، فهم محرومون من فرص العمل فى هذه المشروعات ويعانون جميع صور التمييز السلبى خصوصا خلال فترة الحكم العسكرى. ورغم تغير أحوال البلاد السياسية عام 2015 بعد أن كسب حزب الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية بزعامة المناضلة سان سوكى (72 عاما) الانتخابات البرلمانية والرئاسية، لم تتحسن أحوال الروهينجا وظلوا على أوضاعهم التى ازدادت سوءاً، وعندما سئلت رئيسة الوزراء الحاصلة على جائزة نوبل لماذا يظل الروهينجا المسلمون على اضطهادهم ؟ قالت سان سوكى أنا لا أعرف إن كان الروهينجا ينتمون إلى بورما أو البنغال!، وتعالت الانتقادات فى كل أنحاء العالم تطالب بسحب جائزة نوبل من سان سوكى لأنها تواطأت بالصمت على مأساة الروهينجا رغم نضالها الطويل فى بداية حياتها السياسية.

والواضح أن أزمة الروهينجا ازدادت حدة بسبب وصول مشروعات التنمية الكبرى إلى منطقة حقول الزيت والغاز فى الولاية، وتضخم حجم الاستثمارات الصينية فى بورما الذى جاوز 30 مليار دولار بينها 12 مليار دولار ثمن الأراضى التى يقام عليها خط نقل أنابيب الغاز إلى موانى التصدير الذى يمر بمناطق الروهينجا، وبدلاً من إشراك الروهينجا فى هذه الأعمال ودمجهم من خلال فرص العمل فى هذه المشروعات عزلوهم وحرموهم من العمل وسحبوا جنسياتهم بدعوى أنهم من البنغال المهاجرين من منطقة بنجلاديش، وتواصلت عمليات الإقصاء والتمييز والاضطهاد العنصرى، ولأن الروهينجا لم يجدوا عدلاً أو إنصافاً واستمر الحكم فى اضطهادهم وإنكار حقوقهم بينما العالم يلتزم الصمت إزاء الفظائع التى يتعرضون لها رغم تقارير الأمم المتحدة التى تسجل هذه الفظائع، لم يجد الروهينجا حلاً سوى المقاومة المسلحة تحت اسم جيش الإنقاذ الذى بدأ عملياته العسكرية فى بداية عام 2016 تحت شعار الدفاع عن النفس، مسلحاً بالسكاكين والسيوف وكانت أولى عملياته قتل تسعة من رجال الأمن والشرطة، ولا ينتمى جيش الإنقاذ إلى أي جماعة جهادية، ولا يمارس عملاً من أعمال العنف ضد المدنيين، وقد اعترفت الولايات المتحدة أخيراً بأن ما يجري ضد الروهينجا عمل من أعمال التطهير العرقي ينبغي أن يتوقف فورا، وأظن أن من المهم الآن تحذير العالم من ترك مشكلة الروهينجا دون تسوية أو حل سريع، لأن ذلك يعنى تكريس العنف وإتاحة الفرصة لجماعات الإرهاب كى تركب وتستثمر مشكلات الاضطهاد العنصرى كما حدث فى بقاع كثيرة تعانى الظلم ساعد غياب حلولها الصحيحة على نشر المزيد من الإرهاب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الطريق إلى الروهينجا الطريق إلى الروهينجا



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 22:01 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
  مصر اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 18:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا
  مصر اليوم - روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 17:00 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين
  مصر اليوم - الإجازات الرسمية في مصر لعام 2025 جدول شامل للطلاب والموظفين

GMT 05:09 2019 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

تعرف على أبرز وأهم اعترافات نجوم زمن الفن الجميل

GMT 15:04 2018 الأحد ,22 إبريل / نيسان

طريقة إعداد فطيرة الدجاج بعجينة البف باستري

GMT 00:45 2024 الأربعاء ,07 آب / أغسطس

سعد لمجرد يوجه رسالة لـ عمرو أديب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon