توقيت القاهرة المحلي 07:41:28 آخر تحديث
  مصر اليوم -

العالم يرفض الابتزاز الأمريكى!

  مصر اليوم -

العالم يرفض الابتزاز الأمريكى

بقلم : مكرم محمد أحمد

تخطئ الولايات المتحدة خطأً جسيماً إذا أخدها العناد والاستكبار بعيداً وتصورت أن إرادتها السياسية أكبر من إرادة العالم أجمع، وتجاهلت أن من بين الغاضبين من قرارات القدس الأحادية الجانب التى تناقض الشرعية والقانون الدولى حلفاءها الأهم فى العالم أجمع، إنجلترا وفرنسا وألمانيا ومصر والأردن واليابان، ولم تدرك المغزى الحقيقى من أن يعترض على قرارها فى مجلس الأمن 14 من 15 دولة بينهم الأعضاء الداعون جميعاً غير الولايات المتحدة، ولم تر أى خطورة فى أن يرفض قرارها 129 عضواً فى الجمعية العامة للأمم المتحدة لا يساندها فى عزلتها الدولية سوى إسرائيل وتسع دول هى جوا تيمالا وهندوراس وتوجو وجزر الباسفيك ومكرونيزيا وجزرمارشال وإذا كان الفيتو الأمريكى الذى استخدمته الولايات المتحدة لأول مرة منذ 6 سنوات قد نجح فى وقت تنفيذ قرار مجلس الأمن بعد أن حظى بهذه الأغلبية الكاسحة، فإن قرار الجمعية العامة الذى أيدته 129 دولة مقابل 9 دول وقفت إلى جوار إسرائيل وأمريكا بقى شاهداً على عزلة الولايات لا يكفى لمواجهته أن تعلن السفيرة الأمريكية فى الأمم المتحدة نيكى هايلى فى استكبار بالغ أن أى تصويت داخل الأمم المتحدة لن يحدث فارقاً لأن الشعب الأمريكى يريد أن يضع سفارته فى القدس وهذا ما سوف يكون وما حدث بالفعل، لأن الأمم المتحدة ليست طبقاً لميثاقها مؤسسة أمريكية وإنما هى منظمة دولية تجمع كل دول وشعوب العالم تنطق باسم هؤلاء جميعاً وتعبر قراراتها عن مجمل ما يتفقون عليه .

والأغرب من هذا القول تصريح السفيرة الأمريكية بأن هذا التصويت سوف يغير نظرة أمريكا للأمم المتحدة وسوف يظل محفوراً فى الذاكرة الأمريكية لأننا نتعامل مع دول لا تحترم الإرادة الأمريكية، بما يعنى أن ما تراه الولايات المتحدة ينبغى أن يكون، وأن السفيرة الأمريكية نيكى هايلى سوف ترفع إلى الرئيس ترامب بالفعل قائمة بأسماء الدول التى صوتت ضد القرار الأمريكى كى يحرم هذه الدول من أى عون أمريكى .

بهذا المنطق الغريب تتعامل أمريكا مع الموقف داخل الأمم المتحدة، تهدد بمنع العون الأمريكى عن الدول التى صوتت ضد قرار الرئيس الأمريكى، وتهدد بمنع دفع حصتها فى موازنة الأمم المتحدة لمجرد أن أعضاء الجمعية العامة مارسوا حقهم فى التصويت الحر على مشروع قرار صاغته مصر فى أسلس وأخف صورة إلى حد أنه لم يشر إلى الولايات المتحدة بصورة مباشرة كى يحظى بموافقة الجميع بما فى ذلك الدول الكبار حلفاء الولايات المتحدة مثل إنجلترا وفرنسا واليابان .

صحيح أن قرار الجمعية العامة اعتبر أي قرارات أو أعمال من شأنها تغيير الوضع الراهن فى القدس الشرقية أو التأثير على هويتها السكانية قراراً لا ينتج أثراً ولا يعتد به، لكن القرار يكاد يكون ترديداً لقرارات مماثلة صدرت عن مجلس الأمن والجمعية العامة، وما جعل القرار هذه المرة أفدح أثراً أن القرار أصبح بعد مجىء ترامب إلى الحكم جزءاً من سياسة أمريكية جديدة تلتزم بها إدارة ترامب التى قطعت علاقاتها بمواقف كل الرؤساء الأمريكيين السابقين من القدس بدعوى الاعتراف بالأمر الواقع .

ومع الأسف لا تزال الولايات المتحدة تصر على أن القرار يشكل خطوة مهمة على طريق السلام، ولا يشكل انحيازاً أمريكياً مباشراً لإسرائيل وليس مجرد تأكيد لقرار إسرائيل بضم القدس الشرقية إلى حدودها، وأنه قرار محايد لا علاقة له بالوضع النهائى الذى يبقى محل تفاوض مباشر بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وأن السياسة الأمريكية الجديدة ليست سياسة فرض الأمر الواقع ولا تعنى تأييد إسرائيل فى قرارها المتعلق بضم القدس أو ترسيم حدودها النهائية الذى يبقى محل تفاوض مباشر بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بينما يؤكد الفلسطينيون أن قرار الرئيس ترامب يفسد دور الولايات المتحدة كوسيط فى عملية السلام لأنه قرار ينحاز إلى إسرائيل بصورة عمياء .

وحتى الآن لا يبدو واضحاً كيف ستتمكن إدارة الرئيس ترامب من احتواء الموقف خاصة أن القرار الأمريكى تجاهل على نحو تام أهمية القدس الشرقية بالنسبة لأكثر من مليار ونصف المليار مسلم وأهميتها بالنسبة للمسيحيين، وهل ستستمر الحماقة الأمريكية إلى حد عقاب الدول التى صوتت ضد قرار ترامب سواء فى مجلس الأمن أو فى الجمعية العامة وأولها مصر التى صاغت مشروع القرار الاساسى والتى تتلقى معونة أمريكية قدرها 2ر1 مليار دولار لم تعد تشكل شيئاً مهما رغم أن مصر لا تزال تعبر المرحلة الأخيرة من عنق الزجاجة، لكن مصر لم يكن فى وسعها سوى أن تقف إلى جوار الشعب الفلسطينى تسانده فى مجلس الأمن وفى الجمعية العامة وتمكنه من الحصول على أوسع مساحة ممكنة من التأييد العالمى حتى لو اضطرت إلى استخدام لغة أقل خطابية وتشدداً .

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العالم يرفض الابتزاز الأمريكى العالم يرفض الابتزاز الأمريكى



GMT 20:22 2023 الخميس ,19 تشرين الأول / أكتوبر

مليونية ضد التهجير

GMT 03:11 2023 الأربعاء ,21 حزيران / يونيو

الخالدون أم العظماء

GMT 04:43 2023 الإثنين ,19 حزيران / يونيو

كل سنة وأنت طيب يا بابا

GMT 04:15 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

الزعامة والعقاب... في وستمنستر

GMT 03:32 2023 الأحد ,18 حزيران / يونيو

حدوتة مصرية فى «جدة»

الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 08:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024
  مصر اليوم - المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:38 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
  مصر اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 07:41 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه
  مصر اليوم - ترامب يعلن عزمه على استعادة تطبيق عقوبة الإعدام فور تنصيبه

GMT 08:32 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات
  مصر اليوم - ايجابيات وسلبيات استخدام ورق الجدران في الحمامات

GMT 08:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 03:29 2020 السبت ,14 آذار/ مارس

بورصة تونس تغلق التعاملات على انخفاض

GMT 14:03 2020 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

أول تعليق من محمد منير بعد وفاة مدير أعماله وزوج شقيقته

GMT 06:49 2019 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عزل ترامب
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon