توقيت القاهرة المحلي 22:20:17 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حفتر.. عقدة المنشار فى الأزمة الليبية! (3)

  مصر اليوم -

حفتر عقدة المنشار فى الأزمة الليبية 3

مكرم محمد أحمد

تشكو صحيفة «الواشنطن بوست» من حيرة السياسة الأمريكية إزاء كيفية تعاملها مع شخصية اللواء خليفة حفتر قائد القوات الليبية فى المنطقة الشرقية، وصعوبة التعاون معه رغم أنه عمل لفترة طويلة سابقة مع الأمريكيين، وتعاون معهم منذ بزوغه عام 2011 كأحد الثوار المهمين ضد العقيد القذافى، ورغم أن حفتر من وجهة نظر واشنطن محارب جسور ضد الجماعات المتطرفة وشخصية عسكرية تملك خبرة وتجربة غنية إلا أن واشنطن تعتقد أيضاً أنه يمكن أن يكون عقبة أمام استقرار ليبيا، مع استمرار رفضه دعم حكومة طرابلس التى يرأسها فايز السراج ويساندها تحالف القوى الغربية ما لم تحظ بمساندة البرلمان الشرعى فى طبرق.

وطبقاً لتقرير الواشنطن بوست، لم تستطع الولايات المتحدة حتى الآن رسم سياسة واضحة لطريقة تعاملها مع حفتر فى ظل عجزها الراهن عن تهميشه أو إدماجه مع تزايد شعبيته، ليس فقط فى المنطقة الشرقية ووسط القبائل الليبية بل وفى مناطق غرب وجنوب ليبيا، فضلاً عن أنه يتمتع بدعم إقليمى قوى من مصر والإمارات المتحدة اللتين تساندان جهوده فى الحرب على الجماعات المتطرفة، التى نجحت فى تنظيف معظم المنطقة الشرقية من بؤر جماعات الإرهاب وأقامت منطقة حاجزة بطول الحدود المصرية الليبية يصعب اختراقها.

وتعود قصة تعاون حفتر مع الأمريكيين إلى عام 1987، عندما تولى حفتر، وكان يومها من المقربين للعقيد القذافى، قيادة قوة ليبية من 400 مقاتل، هاجمت دولة تشاد جارة ليبيا فى الجنوب لكن تشاد نجحت فى أسر القوة الليبية وقائدها، وعندما تصالح العقيد القذافى مع تشاد انضم حفتر وقواته إلى جماعة جبهة تحرير ليبيا التى كانت تساندها الولايات المتحدة بهدف التخطيط لإسقاط حكم القذافى، وبفشل جهود واشنطن فى إسقاط حكم العقيد خلال فترة الرئيس ريجان اضطرت الولايات المتحدة إلى ترحيل حفتر ورجاله إلى نيجيريا ثم إلى زائير، وأخيراً إلى الولايات المتحدة حيث بدأت عملية جديدة لتدريبهم فى ولاية فرجينيا فى محاولة أخرى لإسقاط القذافى.

وفى فبراير عام 2014 عاد حفتر إلى ليبيا بعد سقوط القذافى وتمكن من لملمة بعض بقايا الجيش الليبى، واستطاع بمعاونة بعض القبائل والسياسيين الليبيين إطلاق عملية (كرامة) التى استهدفت تحرير المنطقة الشرقية من ميليشيات الجماعات الإرهابية التى تسيطر على مدينة درنة على مسافة 75 كيلومتراً من الحدود المصرية، وتطلق منها عملياتها الإرهابية ضد مصر التى وصلت إحداها إلى حدود مدينة مارينا، وبين هذه الجماعات جماعة أنصار الشريعة التى اغتالت السفير الأمريكى وثلاثة من الأمريكيين فى هجوم مباغت على القنصلية الأمريكية فى بنغازى.

نجحت جهود حفتر فى تشكيل قوة عسكرية مؤثرة فى المنطقة الشرقية، كما نجح تحالفه مع قبائل الشرق وعدد من السياسيين فى إطلاق زخم وطنى قوى سرعان ما أصبح التيار الرئيسى فى المنطقة الشرقية، مستثمراً رفض القبائل الليبية أفكار جماعات الإرهاب وتشككهم فى أهدافها، ولأن حفتر كان الوحيد من قيادات ليبية عديدة الذى أخذ زمام المبادرة فى وقت بدا فيه الجميع عاجزين عن فعل أى شىء كبر اسم حفتر واعترف به البرلمان الشرعى فى طبرق قائداً عاماً للقوات الليبية.

ويساند جهود حفتر فى المنطقة الشرقية قوة فرنسية محدودة تعمل فى قاعدة بنينه قرب بنغازى، كُشف عنها النقاب أول مرة قبل عدة أسابيع عندما لقى ثلاثة من جنودها مصرعهم فى حادث سقوط طائرة هليكوبتر، والواضح أن تعاون الفرنسيين مع حفتر يتم بموافقة أمريكية أوروبية فى إطار اتفاق التحالف الغربى الذى يضم إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وإنجلترا على خطورة تمكين داعش من السيطرة على ليبيا واستخدامه مدينة سرت قاعدة بديلة، بعد أن فقد داعش معظم الأراضى التى كان يحتلها فى العراق وسوريا، واضطر كثير من مقاتليه إلى العودة لليبيا على أمل أن تصبح قاعدة بديلة للعراق وسوريا، ليس فقط بسبب مخزون ليبيا الضخم من البترول عالى الجودة الذى يذهب معظمه إلى دول جنوب أوروبا ولكن لسبب آخر لا يقل أهمية وخطورة، يتمثل فى عصابات تهريب المهاجرين العرب والأفارقة عبر السواحل الليبية التى تشكل المنطقة الأقرب جغرافياً إلى الساحل الإيطالى، ومع الأسف يموت معظم هؤلاء غرقاً فى المتوسط قبل الوصول إلى الساحل الإيطالى.

وكما أن لحفتر مناصرين كثيرين فى ليبيا فإن له أيضاً خصوماً أقوياء، أبرزهم ميليشيات الجماعات المسلحة التى كانت تحكم المدن الليبية خاصة فى المنطقة الشرقية، وجماعة الإخوان المسلمين التى تشكل العنصر الأقوى فى تحالف مدينة مصراته الجهوى، وجميعهم يتهم حفتر بالديكتاتورية والرغبة فى الانفراد بحكم ليبيا، وبين هؤلاء من يعتبر حفتر أخطر من داعش والقذافى، رغم أن حفتر كثيراً ما يكرر أنه لا يشغل نفسه بأمور السياسة وأن مهمته الوحيدة هى إنقاذ ليبيا من براثن جماعات الإرهاب والميليشيات المسلحة، وبالطبع لا يسلم الأمر من بعض الحملات التى يشنها الإعلام الغربى على حفتر بين الحين والآخر بدعوى أنه عنيد صلب الرأس يعيق تعاون المنطقتين الشرقية والغربية ويعمل فى النهاية لحسابه.

ويصور الجميع موقف حفتر وكأنه العقدة أمام المنشار فى الموقف الليبى، فبدون دعمه تبدو حكومة الوحدة الوطنية التى يساندها التحالف الغربى جد ضعيفة عاجزة عن بسط نفوذها على المنطقة الشرقية، رغم الجهود التى بذلها التحالف الغربى كى يمكنها من أن يكون لها اليد العليا فى أوضاع مدينة سرت وتتمكن من إدخال جنودها بعد رحيل قوات داعش، كما أن تهميش حفتر سواء من خلال قرار تصدره حكومة طرابلس يجرده من وضعه العسكرى أو من خلال عمل تآمرى يستهدفه شخصياً يمكن أن يؤدى إلى فوضى خطيرة فى المنطقة الشرقية التى تقف الآن على أبواب مرحلة استقرار جديدة ويزيد الوضع تعقيداً أن الأوضاع فى مجمل ليبيا لا تبشر كثيراً بعد أن حذر المبعوث الأممى للتحالف الغربى من خطورة أن يتسرب الدعم لحكومة الوحدة الوطنية التى يرأسها فايز السراج، ويسقط المشروع الغربى بأكمله وتندثر جهود التسوية السلمية وتزداد فرص جماعات الإرهاب للسيطرة على مجريات الأمور فى البلاد، وما من مخرج لهذه الأزمة يضع ليبيا على طريق التسوية الجادة سوى الاعتراف بحفتر قائداً للقوات الليبية، والاعتراف بالقوة العسكرية التى يقودها باعتبارها القوام الصحيح للقوات المسلحة الليبية التى تشكل أهم مؤسسات الدولة المدنية القانونية التى تُجمع كل الأطراف الليبية على ضرورة نهوضها بديلاً عن كل هذه الكيانات المفتعلة واليدوية الصنع التى لا تخدم أمن ليبيا أو استقرارها.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حفتر عقدة المنشار فى الأزمة الليبية 3 حفتر عقدة المنشار فى الأزمة الليبية 3



GMT 10:17 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

ممدوح عباس!

GMT 10:15 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

القديم والجديد؟!

GMT 08:33 2024 السبت ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

فرنسا تتصالح مع نفسها في المغرب

GMT 03:37 2024 الأحد ,13 تشرين الأول / أكتوبر

حزب المحافظين البريطاني: «لليمين دُرْ»!

GMT 08:35 2024 الأحد ,22 أيلول / سبتمبر

دفاتر النكسة

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ مصر اليوم

GMT 12:40 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت
  مصر اليوم - محمد حيدر مسؤول العمليات في حزب الله هدف عملية بيروت

GMT 17:30 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
  مصر اليوم - ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة

GMT 01:58 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

البورصة المصرية تربح 31.4 مليار جنيه خلال شهر أغسطس

GMT 23:21 2020 الأربعاء ,26 آب / أغسطس

بورصة بيروت تغلق على تحسّن بنسبة 0.37%

GMT 13:08 2020 الإثنين ,24 شباط / فبراير

7 قواعد للسعادة على طريقة زينة تعرف عليهم

GMT 01:27 2018 الإثنين ,26 شباط / فبراير

باحثون يؤكدون تقلص عيون العناكب الذكور بنسبة 25%

GMT 15:46 2018 الأربعاء ,07 شباط / فبراير

كارل هاينز رومينيجه يشيد بسياسة هاينكس

GMT 12:17 2018 الجمعة ,02 شباط / فبراير

Mikyajy تطلق أحمر شفاه لعاشقات الموضة والتفرد
 
Egypt-today

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

egypttoday egypttoday egypttoday egypttoday
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon