بقلم مكرم محمد أحمد
الفلوجة واحدة من أشهر مدن العراق، يسكنها أغلبية من عشائر السنة ويزيد تعدادها على 300 ألف نسمة،حاربت الغزو
الامريكى للعراق بضراوة بالغة، وخلال حكومة نورى المالكى بتوجهاتها الطائفية تدهورت العلاقات بين الفلوجة وحكم بغداد، عندما رفض المالكى أن يضم قوات المتطوعين من عشائر السنة إلى الجيش العراقى بعد نجاحهم فى دحر تنظيم القاعدة،حرصا على ان يظل التوازن العددى فى القوات المسلحة لصالح الشيعة!. وتعيش الفلوجة تحت سيطرة داعش منذ أكثر من عامين الذى يحكمها بالحديد والنار،ومنذ عدة شهور يحاصر مدينة الفلوجة أعداد هائلة من الميليشيات الشيعية وبعض من قوات الجيش العراقي، تمنع وصول الامدادات اليها بما فى ذلك الاغذية والدواء، وقد بلغ سوء الاحوال فى المدينة حد ان السكان يأكلون الحشائش من قسوة الجوع!، بعد ان وصل سعركيس الدقيق إلى 750دولارا بينما لايزيد ثمنه فى بغدادعلى 20 دولارا!. لكن مأساة الفلوجة الحقيقية تتمثل فى الشكوك المخيفة التى تحاصرها من كل جانب، حكام الشيعة فى بغداد يسيطر عليهم الاعتقاد بأن الفلوجة السنية هى مصدر كل عمليات التفجير التى تضرب المدينة وأدت إلى مقتل وجرح المئات من سكانها، ويلحون على ضرورة ان تكون الاولوية لتحرير مدينة الفلوجة من سيطرة داعش لوقف هذه الهجمات، رغم ان الخبراء الامريكيين الذى يعملون فى العراق يؤكدون ان مشكلة بغداد الحقيقية، تكمن فى الفوضى الامنية التى تجعلها قابلة للاختراق من داعش وليس من جانب أهل الفلوجة الذين يعيشون فى حالة يأس وقنوط شديد، وتداخلهم الشكوك فى حكام بغداد وفى الامريكيين الذين لن يفعلوا شيئا لانقاذ المدينة التى قاومت الغزو الامريكى بضراوة!، والامريكيون يرفضون ان تكون الاولوية لعملية تحرير الفلوجة خوفا من عمليات الانتقام الواسعة التى يمكن ان تقوم بها الميليشيات الشيعية التى تحاصر المدينة بما يزيد من ازمة الفتنة بين السنة والشيعة ويعيد اشعال حرائقها من جديد وربما يؤخر إلى اجل غير مسمى عملية تحرير مدينة الموصل..، وما يقلل من هذه الهواجس والمخاوف لدى الجميع ان شهر رمضان على الابواب يعقبه قيظ العراق الشديد الذى يصعب معه القيام بأى عمليات عسكرية، بما يعنى ان حصار الفلوجة سوف يستمر وان علمية اقتحام المدينة سوف تتأجل وان الفتنة الكبرى تنتظر وقتا آخر.