مكرم محمد أحمد
باليقين لا يعرف أحد منطوق الحكم الذى سوف يصدر اليوم فى قضية الرئيس الأسبق مبارك، وإن كانت هناك بعض التكهنات بأنه ربما يتحصل على حكم
جديد يبرئ ساحته من جريمة القتل المتعمد للمتظاهرين، بعد أن ثبت بالفعل عدم وجود أية أوامر شفوية أو تحريرية تثبت هذا الاتهام، خاصة أن أىا من
الاتهامات المثبتة فى قرار الاتهام أو المشاعة بين الناس حول مبارك لم تطعن على وطنيته، و لم تخرجه من دائرة الوطن الى دائرة الخيانة، فضلا عن
ارتفاع ملحوظ فى تعاطف الرأى العام لأسباب مختلفة عديدة.
أولها دوره البطولى فى حرب أكتوبر، وعدم وجود أدلة تثبت تهريبه لأموال فى الخارج، والمعاناة الصعبة التى عاشها مع كبر سنه على امتداد ثلاث
سنوات من المحاكمات، أظهر خلالها احترامه للقضاء و قبوله الامتثال لحكم القانون، فضلا عن أن التقييم العام الدارج لفترة حكمه يخلص فى أنه أخطأ و
أصاب، وكانت له سيئاته كما كانت له حسناته ومن الحكمة أن نترك للتاريخ أمر المفاضلة بين هذه السيئات والحسنات.
و أيا كان الحكم الذى سوف يصدر اليوم، فمن واجب الجميع قبول الحكم باعتباره عنوان الحقيقة، هذا دأب الشعوب المتحضرة وتقاليدها،لأن أحكام
القضاء لا ينبغى أن تكون موضوعا للتظاهر أوالادانة،والا فسد العدل و تعذر تحقيقه وسادت الفوضى، وأصبح الحكم للدهماء!، فضلا عن أن اجراءات
المحاكمة و علانيتها أكدت بما لا يدع مجالا للشك الدرجة العالية و المقام المحمود للمنصة الجليلة التى حاكمت مبارك،وسوف يكون اثما عظيما وزيفا
باطلا يرتكبه من كانوا ينتوون أن يرفعوا المصاحف أمس، ان خرجت مظاهراتهم اليوم تندد بحكم القضاء لأسباب لاعلاقة لها بالعدل لأنه ما من سلطان
على حكم القضاء سوى سلطان القانون ورقابة الضمير الانسانى و فوقهما وقبلهما ارادة الله التى تجعل القاضى ينطق باسم الحقيقة، بعد أن كابدها
شهورا طويلة، يقرأ و يتفحص و يقارن، و يعيد قراءة ما قرأ عشرات المرات فى قضية هى فى الحقيقة قضية وطن و ضمير.