مكرم محمد أحمد
نجح ملتقي القبائل والأعيان الليبية الذي ضم اكثر من 400 شخصية، يمثلون كل القبائل الليبية في الشرق والغرب والجنوب، في تاكيد أصرار غالبية الشعب الليبي علي ضرورة تحقيق الامن والاستقرار في ليبيا، ورفض كل جماعات العنف المسلح التي تسيطر علي معظم المدن في غيبة مؤسسات الدولة وعدم اهتمام المجتمع الدولي، وانشغال العرب بالمشكلة اليمنية، وارتباك الموقف الأوروبي وتضاربه، رغم المخاطر الضخمة التي تهدد أمن أوروبا وأمن البحر الأبيض من جراء استمرار الفوضي الراهنة في ليبيا!.
وأظن أن نجاح المؤتمر الذي يلتقي فيه هذا العدد الضخم من الشخصيات اللييبية ربما للمرة الأولي، يبدو واضحا في توصياته التي تتمسك بضرورة الحفاظ علي وحدة الدولة والتراب الليبي، والمساعدة علي نهوض مؤسسات الدولة المتمثلة في الجيش والأمن والقضاء، ورفض كل صور العنف التي تمارسها جماعات الإرهاب التي لاتزال تسيطر علي عدد من الجيوب الخطيرة في درنة وسرت واجدافيا وطرابلس ومصراتة، وتعطي للمجتمع الدولي رسالة واضحة ومباشرة تؤكد ان ما تعانيه ليبيا من صور الفوضي والإرهاب هو في الأغلب قادم من خارج الحدود الليبية، كما أن غالبية الجماعات المتطرفة التي تمارس العنف هناك هي في الأصل جماعات تونسية تستثمر مساحات الفراغ الواسعة في الأرض الليبية!، وان النسيج الاجتماعي لغالبية القبائل الليبية ـ إن لم يكن جميعها ـ قويا ومتماسكا في رفضه القاطع لسيطرة جماعات العنف بما في ذلك جماعة الإخوان المسلمين، لا يعاني من انقسامات قبلية أو طائفية حادة، لأن الغالبية العظمي لليبيين يعتنقون المذهب المالكي، ويؤمنون بوسطية الإسلام واعتداله، ويكرهون العنف والتطرف، ويلحون علي ضرورة عودة الاستقرار من أجل إعادة إعمار ما خربته عمليات القصف الجوي لحلف الناتو التي استهدفت إسقاط نظام العقيد القذافي، وتتطلب عمليات إعادة إعمار ضخمة تبلغ تكلفتها 600 مليار دولار.
وربما كان أهم نتائج المؤتمر توافق رؤساء القبائل والأعيان علي إنشاء كيان وطني أهلي يضم ممثلين لجميع القبائل، يواصل مهامه في تحقيق المصالحات الداخلية، ومواصلة الحوار الوطني بين كل القوي السياسية، ودعم قيام مؤسسات الدولة الجديدة، ورفع الغطاء عن أي جماعات تساند الإرهاب وتعطيه ملاذا آمنا.. تحية للدبلوماسية المصرية وسفيرها في ليبيا محمد أبو بكر التي نجحت في لم شمل القبائل الليبية علي مائدة حوار واحدة تعقد لأول مرة، وتضم هذا الجمع الضخم من الشخصيات الليبية دون أن تكون طرفا في الحوار أو تتدخل في قضاياه.