مكرم محمد أحمد
زمان زمان، كانت هناك وظيفة مهمة فى الشرطة المصرية هى عصب قلم المرور فى كل محافظات مصر،هى وظيفة حضرة الكونستابل الذى يتميز بالحسم الشديد والمهارة الفائقة فى ركوب دراجته البخارية،يتحرك على الطرق ذهابا وإيابا،
يضبط المخالفين لقواعد و أداب المرور،وتكفى صفارته لالزام المخالف الوقوف على يسار الطريق انتظارا لتحرير المخالفة أو سحب الرخصة، وكثيرا ما كان حضرة الكونستابل يكمن وراء أكمنة على الطريق ليظهر فجأة يضبط المخالف فى التو واللحظة، ولا يزال حضرة الكونستابل هو العنصر الرئيسى فى ضبط المرور على الطرق السريعة فى الولايات المتحدة رغم كثرة الرادارات الأرضية الثابتة.
ومنذ أن اختفى حضرة الكونستابل من الطرق المصرية لصالح كمائن المرور الثابتة التى تقتطع نصف الطريق بحواجز حديدية يندر أن يقف عليها أى من رجال الشرطة، فسد حال المرور على جميع الطرق لاختفاء عنصر المراقبة المتحركة التى تحقق المفاجأة،وصرنا نجد مقطورات النقل الثقيل تلتزم حارة المرور السريع غير المخصصة لها باصرار وعناد شديدين، وصرنا نجد سيارات الميكروباص الفاسدة موتوراتها تنفث سحابات هائلة من دخان أسود، يسابق بعضها بعضا إلى حد أن الجميع باتوا يطلقون عليها (النعوش الطائرة)، يقودها فى الاغلب صبية لا يعرفون قواعد المرور أو آدابه، حصلوا على رخصة القيادة بسهولة ويسر لقاء( حلوان أو رشوة)، وتلك آفة أخرى من آفات المرور المصرى الذى يمنح رخص القيادة لكل من هب ودب دون تدقيق شديد، فى بلد ينضبط سلوك معظم مواطنيه تحت الرقابة كما تنضبط عقارب الساعة، الا أن يغيب جندى المرور أو يستشعر السائقون غيبته أو غفلته فيتحول الطريق الى فوضى عارمة. وربما يكون ضروريا تشديد العقوبات على بعض المخالفات، و تخصيص أوقات محددة لمرور سيارات النقل، ومنع سير المقطورات التى تتسبب فى نسبة غير قليلة من الحوادث وبطل استعمالها فى العالم أجمع، لكن ما فائدة تغليظ العقوبات إن لم تكن هناك رقابة متحركة على الطرق تضبط المخالف فى التو واللحظة بدلا من الأكمنة الثابتة التى تعطل الطريق، من فضلكم أعيدوا لنا حضرة الكونستابل حتى يحس السائقون المتهورون والمسطولون أن حضرة الكونستابل يمكن أن يطلع عليهم فجأة بصفارته المدوية فى أية لحظة.