بقلم مكرم محمد أحمد
برحيل العالم المصرى د. مصطفى كمال طلبة إلى رحاب الله، تفقد مصر ويفقد العالم اجمع واحدا من أهم علماء البيئة والمناخ فى عصرنا الراهن، كان له أثره البالغ الاهمية فى محيطه الوطنى والاقليمى والدولي، واستطاع ضمن نخبة من اقران عصره ان ينبه البشرية إلى سوء تعامل الانسان مع كوكبنا الارضى بتلويثه المستمر للبيئة والمناخ، واسرافه فى استخدام الطاقة الحرارية الذى أدى إلى هذا الحجم المهول من الانبعاثات الكربونية المعلقة فى طبقات الجو العليا، تحتبس حرارة الارض وتذيب جليد القطبين وترفع مستويات البحار والمحيطات، وتهدد بغرق آلاف الاميال من السواحل،فضلا عن الموجات العنيفة من الجفاف والفيضانات والاعاصير والتصحر!.
كان د. مصطفى كمال طلبة واحدا من اثنين اسسا برنامج الامم المتحدة للبيئة وتولى إدراته نائبا للامين العام للامم المتحدة، وكرمته جميع جامعات العالم باعتباره ابوالبيئة واكبر علماء التصحر، وأحد العلماء الكبار الذين نبهوا العالم إلى المخاطر التى تحدق بكوكبنا الارضي، وعندما عاد د.مصطفى كمال طلبة إلى وطنه كرس الرجل جهوده لتنبيه المصريين إلى خطورة تأثيرات المناخ على مصر التى تهدد بغرق أجزاء غير قليلة من شمال الدلتا وانحسار فيضان النيل، وارتفاع درجة حرارة الجو على نحو يفسد اهم حاصلات مصر الزراعية،الامر الذى يعرض البلاد لاخطار المجاعات والهجرة الجماعية.
ولم يتوقف د. مصطفى طلبة عند حدود تنبيه المصريين إلى المخاطر التى تحدق بوطنهم، لكنه شارك بجهده وعقله وخبرته فى وضع خطة وطنية متكاملة لمقاومة آثار هذه المتغيرات، يجرى تطبيق عناصرها الآن، منبها إلى ضرورة حماية شواطئ الدلتا من زحف مستمر لمياه البحر يمكن ان يأكل سواحلها من بورسعيد إلى الاسكندرية إلى الساحل الشمالى غربا، مؤكدا ضرورة ان يعمل المصريين لاستنباط بذور جديدة لمحاصيل القمح والذرة والقطن تقدر على تحمل ارتفاع درجة حرارة الكون.
ترك دكتور مصطفى كمال طلبة وراءه مدرسة كبيرة من الاساتذة والتلاميذ وتراثا علميا واسعا من الابحاث، حفظ لمصر مكانة مرموقة ومسموعة فى كل مؤتمرات ومنتديات البيئة والمناخ، وجعلها صوت الضمير الانسانى الذى يدافع عن حقوق شعوب العالم الثالث التى تتحمل القدر الاكبر من آثار البيئة وخسائرها رغم اسهامها المتواضع فى توليد الانبعاثات الكربونية!..، وعلى قدر تواضع د. مصطفى طلبة الشديد وأدبه الجم وعلمه الوفير، يملك الرجل شجاعة أدبية بالغة تنتصر للحقيقة العلمية مهما تكن صادمة، لولاها ما دخل فى يقين المصريين حقيقة مخاطر المناخ على وطنهم، ولما بدأت خططهم الدفاعية فى وقت مبكر.