مكرم محمد أحمد
أرجو ألا يكون صحيحا ما نشرته صحيفة الواشنطن بوست الامريكية قبل يومين عن عزم مجلس النواب المصرى اصدار تشريع يمنع ارتداء النقاب، استجابة لمشروع قانون تقدم به عدد من النواب يمنع المصريات من ارتداء النقاب تأسيسيا على انه عادة قديمة لنساء بعض القبائل اليهودية التى كانت تسكن الجزيرة العربية، انتقلت إلى نساء العرب فى الجاهلية الاولى دون ان يعتد بها الإسلام اويعتبرها زيا إسلاميا!.
ومبعث القلق فى ان يصدر مثل هذا التشريع لاعلاقة له البتة بوضعية النقاب الدينية، كان فى الاصل عادة يهودية او اسلامية او مجرد زى بدوى انحاز له المتشددون والمحافظون من اهل الجزيرة والخليج، ولكن لان صدور تشريع قانونى يفرض على النساء المصريات عدم ارتداء النقاب يمثل تدخلا سافرا فى حرية المرأة المصرية،يماثل تماما إصدار تشريع آخر يفرض على المرأة المصرية ارتداء النقاب، لانه فى كل من الحالين لامناص من اعتبار التشريع تدخلا سافرا فى حق من حقوق المرأة الشخصية التى لها وحدها حق اختيار ما ترتديه بما يلائم الذوق العام ولا يخدش حياء المجتمع او يتناقض مع قيمه الاخلاقية.
وعندما اصدر القضاء المصرى حكمه التاريخى برفض ارتداء عضوات هيئات التدريس النقاب، قصر هذا المنع على ارتداء النقاب اثناء عملية التدريس لان النقاب يعيق التواصل بين الاستاذ والطلاب، لكنه اباح لعضو هيئة التدريس ارتداء النقاب خارج المدرجات احتراما لحريته الشخصية..،وقياسا على هذا الحكم الصحيح يمتنع على السيدة التى تقود سيارة ارتداء النقاب خلال قيادتها للسيارة لان من حق سلطات المرور التحقق من شخصية قائد السيارة!.
ولو ان الدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة طلب من القضاء المصرى تحريم ارتداء النقاب على أعضاء هيئة التدريس بالمطلق، لما ظفر بهذا الحكم التاريخى الذى استطاع ان يوازن بحكمة بالغة بين حق الطلاب فى التواصل مع عضو هئية التدريس دون حواجز وحق عضو هيئة التدريس فى احترام حريته الشخصية..، واظن ان البرلمان المصرى الذى يضم87 سيدة يمثلن اطياف نساء مصر كما يضم ممثلين عن قوى حزبية عديدة لن يسمح بمرور هذا التشريع الذى يمثل عدوانا سافرا على الحريات الشخصية.