مكرم محمد أحمد
ثمة حقائق إساسية يصعب إنكارها افرزتها حرب غزة الاخيرة، تفرض على وفدى التفاوض الاسرائيلى والفلسطينى واقعا جديدا يلزمهما جدية التفاوض مهما تكن المصاعب،
والامتناع عن التهديد المتبادل بالعودة إلى الحرب لأن كلفة الحرب شاقة على الجانبين، والسعى الحثيث للوصول إلى اتفاق تهدئة جديد، طويل الأمد يضمن عدم تجدد الحرب، ويوفر قدرا متكافئا من الحماية للمدنيين على الجانبين خاصة الفلسطينيين الذين يدفعون كلفة الحرب من دمائهم.
أولى هذه الحقائق، استحالة ان تعود الاوضاع فى قطاع غزة إلى ما كانت عليه قبل الحرب، بعد ان اصبح الاستشهاد أفضل ألف مرة من هوان العيش تحت مظلة الخوف الدائم، وثانيتهما الارتباط المتلازم بين امن الجانبين، لانه مهما تكن قدرة إسرائيل على الردع فما من مفر بعد وصول صواريخ حماس إلى مختلف المدن الاسرائيلية، من مواجهة هذه الحقيقة المرة التى تؤكد، ان إسرائيل لن تنعم بالامن الحقيقى ما لم ينعم به الفلسطينيون، وثالث هذه الحقائق ان اى اتفاق تهدئة جديد سوف يظل هشا يصعب ضمان استمراره ويتعذر البناء عليه، ما لم يتضمن أفقا ساسيا واضحا يجعل حل غزة جزءا من تسوية شاملة للقضية الفلسطينية، يلتزم الجانبان احترام بنودها.
والواضح من مباحثات القاهرة ان الجانبين رغم الهوة الواسعة التى لاتزال تفصل بين مواقفهما، يأخذان التفاوض هذه المرة مأخذا جادا، ويحسنان التمييز بين حلول عاجلة تلزمهما الحفاظ على امن المدنيين على الجانبين، واحترام وقف إطلاق النار والعمل على تثبيته، من خلال آلية رقابة محددة تراقب اعمال الجانبين فى الميدان، وبين حلول شاملة تهيئ للتسوية النهائية اسسا راسخة تضمن لها الاستمرار، بحيث يصبح الاتفاق على نزع السلاح او تخفيفه تتويجا لاتفاق نهائى يرسم الحدود بين الفلسطينيين وإسرائيل، ويضمن اعادة تعمير القطاع، وفتح ميناء غزة الذى وافقت إسرئيل على بنائه من حيث المبدأ فى اتفاقات اوسلو وشرم الشيخ عام 1999وتحديد شروط الصلح النهائى بما يضمن عدم تجدد النزاع الاسرائيلى الفلسطينى مرة أخرّى.